للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلا شكّ أن النابغة أراد بالتّين جبلاً في الشمال، ولعله هو الجودي أو قريب منه.

وكما أخطأ الدينوري في بيت النابغة، فكذلك أخطأ صاحب معجم البلدان في بيت أبي صَعْتَرَةَ، فقال: إنه أراد بالجودي موضعاً في اليمن (١)، فظنّ أن الشاعر لا يذكر إلاّ بلاده. وقد مرّ آنفاً أنّ ذلك ظنّ باطل (٢). ولم يُثبت أحد أن الجوديّ جبل في اليمن (٣). وإنما الجودي هو الذي ذكرنا.

ويؤيد ذلك ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما في تأويل هذه الآية (٤)، فقال: إنّ المراد به مسجد نوح عليه السلام الذي بني على الجودي (٥). وعن عكرمة (٦): التين والزيتون جبلان (٧). وعلى هذا يتبيّن أن التين هو الجودي أو قريب منه (٨).

وفي التوراة أن بني آدم تفرقوا بعد نوح عليه السلام (٩). والقرآن يدلّ على


(١) قوله: "في اليمن" سهو، وإنما قال ياقوت ٢: ١٨٠ "والجودي أيضاً: جبل بأجأ أحد جبلي طيئ وإياه أراد أبو صعترة" وانظر المشترك: ١١١. والشاعر طائي فلا بد أن يكون "الجودي" عند ياقوت في بلاد طيئ.
(٢) وقد نبّه على ذلك ابن بليهد فقال وهو يذكر مؤلفي كتب البلدان: " ... يرون اسم المكان في شعر شاعر أسدي فيتوهمون أنه من أماكن قومه، فيقولون: هو موضع في بلاد بني أسد". ثم ذكر مثالاً من كتاب البكري وآخر من كتاب ياقوت. صحيح الأخبار ٣: ٢ - ٣.
(٣) انظر ما سلف. والجودي المشهور كما قال ياقوت: جبل مطلّ على جزيرة ابن عمر في الجانب الشرقي من دجلة، من أعمال الموصل.
(٤) يعني قوله تعالى: {والتين والزيتون}.
(٥) انظر تفسير الطبري ٣٠: ٢٣٩، ومعجم البكري: ٨٩٨ والبلدان.
(٦) عكرمة بن عبد الله البربري المدني. أبو عبد الله (٢٥ - ١٠٥ هـ) مولى ابن عباس، تابعي. كان من أعلم الناس بالتفسير والمغازي. توفي بالمدينة المنورة. ابن خلكان ٣: ٢٦٥، الأعلام ٤: ٢٤٤.
(٧) تفسير الطبري ٣٠: ٢٣٩.
(٨) النص في المطبوعة ينتهي هنا.
(٩) سفر التكوين ٩: ٧، ١٩.

<<  <   >  >>