للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأشار إلى النبي بـ "هذا"، وهو بينهم.

أما كلمة "ذلك، وتلك، وأولئك" فتشير بها إلى ما علمه المخاطب وسبق ذكره. أو يكبر من أن تمثله بين يديه. تقول بعد تمام الكلام: "ذلك" أي خذ ما ذكرنا. قال تعالى: {ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ} (١).

وقال تعالى بعد ذكر داود عليه السلام:

{تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢٥٢) تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} (٢).

وهكذا بعد ذكر أحكام المواريث قال تعالى: {تلك حدود الله} (٣).

وقال أُمَيَّة بن أبي الصَّلْتِ (٤):

تركتُ اللاتَ والعُزَّى جميعاً ... كذلك يفعلُ الرجلُ البصير (٥)

وهذا كثير في القرآن وكلام العرب. وهم يفرّقون بين استعمالها لفوائد خاصة. ومن فوائد استعمال كلمة (ذلك) هاهنا دلالتها على أن اسم السورة المذكور قبها من القرآن، فإنها تشير إليه. ونظير هذا قوله تعالى:

{حم (١) عسق (٢) كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ}.

فأشار بكلمة {كَذَلِكَ} إلى المذكور آنفاً.


(١) سورة محمد، الآية: ٤.
(٢) سورة البقرة، الآيتان: ٢٥٢، ٢٥٣.
(٣) سورة النساء، الآية: ١٣.
(٤) لم أجد البيت منسوباً إلى أمية، وإنما هو من قصيدة لزيد بن عمرو بن نفيل في كتاب الأصنام: ٢٢ وسيرة ابن هشام ١: ٢٢٦ - ٢٢٧ والأغاني ٣: ١١٨ - ١١٩، والنصرانية: ٦٢١ وفيها جميعاً: الجلد الصبور، مكان "الرجل البصير". فلا أدري أوجد المؤلف هذه الرواية في بعض المصادر، أم حينما قرأ البيت في كتاب شعراء النصرانية أو غيره رأى أن (الجلد الصبور) تحريف، والصواب الذي هو أشبه بمعنى البيت: الرجل البصير. وفي رواية الصدر خلاف.
(٥) سورة الشورى، الآيتان: ١، ٢.

<<  <   >  >>