فكان من خبرى أن سطَّرتُ رسالة للشيخ قلتُ له فيها: إننى علمتُ أنكم تطردون الطلبة عن بابكم، ولدىَّ أكثر من مائتى سؤال فى علل الأحاديث ومعانيها، ولا أقنع إلَاّ بجوابكم دون غيركم، فسأجمع همتى وأسافر إليكم فلا تطردونا عن بابكم، أو كلاماًَ نحو هذا.
وأخبرنى الأخ نظامٌ بعد ذلك أن الشيخ تألمَّ لما قرأ حكاية " الطرد " هذه.
وسافرت إلى الشيخ فى أول المحرم سنة (١٤٠٧ هـ) ، واستخرجتُ تصريح العمل الذي يُخوِّل لى السفر بأعجوبةٍ عجيبةٍ، وأُمضيت ثلاثة أيامٍ فى الطريق كان هوانى فيها شديداً، ومع ذلك لم أكترث له، لما كان يحدوني من الأمل الكبير في لقاء الشيخ.
ولما نزلت عمَّان استقبلنى الأخ الكريم أبو الفداء سمير الزهيري جزاه الله خيراً، إذ أعانني في غربتى، وآوانى فى داره، وبعد الوصل بقليلٍ، كلَّمنا الشيخ بالهاتف، فرحَّب بى غاية الترحيب، وقال لى: حللت أهلاً ونزلت سهلاً، ولم أصدق أذنى! ، فأنا ذاهبٌ اليه وقد هيأت نفسى تماماً على الرضا بالطرد، إذا فعل الشيخ ذلك.
وقد بدأنى بالسلام، فرددتُ عليه السلام بمثل ما قال. فقال لى: ما أحسنت الردَّ! فقلتُ: لما يا شيخنا؟
فقال لى: إجعل هذا بحثاً بينى وبينك إذا التقينا غداً!
وظللتُ ليلتى أُُفكر فى هذا الأمر؛ ترى: ما وجهُ إساءتى الردَّ، حتى خمنت أن الرادَّ ينبغى له أن يزيد شيئاً في ردِّه نحو:((وعفوه، ورضوانه)) ولم أكن وقفتُ على الحديث الذى قوى الشيخ فيه زيادة ((ومغفرته)) في الرد.