وبدأت جلساتى مع الشيخ بعد كل صلاة غداةٍ فى سيارته، ولمدة ساعة، ثم زادت المدة حتى وصلت الى ثلاث ساعات.
واستمر هذا الأمر، حتى جاء يومٌ ولم يُصلِّ الشيخ معنا صلاة الغداة، فحزنت لذلك لضياع هذا اليوم علىَّ بلا استفادة، واستشرت من أثق برأيه من إخوانى: هل أذهب الى الشيخ فى بيته أم لا؟
فكان إجماعهم أن لا أذهب، لأنك لا تعلم ما ينتظرك هناك، ولا يذهب أحد الى الشيخ فى بيته إلَّا بموعدٍ سابقٍ، فلربما ردَّك، فلا يكون بك لائقًا، لا سيما بعد المكانة التى صارت لك عند الشيخ.
وتهيبتُ الذهاب، ولكن قوى من عزمى أمران:
الأول: أن رفيقى آنذاك والذى كان يصحبنى بسيارته الأخ الفاضل الباذل أبو حمزة القيسى جزاه الله خيراً - قد أيدنى فى الذهاب.
الثانى: أننى استحضرت قصةً لابن حبان مع شيخه ابن خزيمة ذكرها ياقوتُ بسنده إلى أبى حامد أحمد بن محمد بن سعيد النيسابورى قال: كنا مع أبى بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة فى بعض الطريق من نيسابور، وكان معنا أبو حاتم البُستى، وكان يسألُه ويؤذيه، فقال له محمد بن إسحاق بن خزيمة: يا بارد! تنحَّ عنى ولا تؤذينى! أو كلمة نحوها، فكتب أبو حاتم مقالته، فقيل له: تكتب هذا؟ قال: أكتب كل شىء يقوله الشيخ)) اهـ.
فقلتُ فى نفسى: ومالى لا أفعل مثلما فعل ابن حبان؟ وحتى لو قال لى الشيخ مقالة ابن خزيمة لعددتها من فوائد ذلك اليوم.
وانطلقنا اليه، وكان من أفضل أيامى التى أمضيتُها فى هذه الرحلة، فقد استقبلنى الشيخ استقبالا كريما، وأمضيت معه أكثر من ساعتين، وكان