يخدمُنا بنفسه، ويأتينا بالطعام يضعه أمامنا، فكلما هممت أن أساعده أبى علىَّ، ويشيُر أن أجلس، ويقول:((الإمتثالُ هو الأدبُ بل خيرٌ من الأدبِ))
ويعنى به: أن الإمتثال لرغبته فى الجلوس خير من سلوكى الذى أظنُّه أدباً، لأن طاعتى له هى الأدب. وكان يوماً حافلا قص على الشيخ فيه ما جرى بينه وبين الشيخ محمد نسيب (١) الرفاعى حفظه الله.
ولا يفوتنى أن أقول: كنت قابلت الشيخ نسيب الرفاعى بصحبة الأستاذ أحمد عطية المتقدم ذكره فى بيته بحى الهاشمى فى عمان البلقاء، ولقلما رأت عيناى مثله فى تواضعه وأدبه وحسن خلقه، وكان معظم كلامه عن الشيخ الألبانى، وبرغم تقاربهما فى السن الا أنه كان يبالغ فى تعظيم الشيخ، وقال لى: أنا مدينٌ بالفضل لرجلين: الأول: ابن تيمية، والثانى: الألبانى.
وقال لى: لقد تآزرنا فى نشر الدعوة السلفية فى سوريا، وكان الشيخ يزورنا فى حلب، فدخلت على ابنتى " عائشة " وكانت صغيرة، فقال لى الشيخُ: لو كانت كبيرة لتزوجتها وكنت منى بمنزلة أبى بكر من محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فانظر ما كان بينى وبينه من الآصرة.
وقرأ علينا أبو غزوان مقدمته لكتابه:((التوصل الى حقيقة التوسل)) وقصَّ علىَّ أشياء ذكرتها فى ((طليعة الثمر الدانى فى الذب عن الألبانى)) .
وهو القسم الخاص بترجمة الشيخ الألبانى حفظه الله تعالى.
وقد أمضيت نحو شهر فى هذه الرحلة، ولما علم الشيخ بموعد سفرى دعانى
(١) ثم توفى رحمه الله يوم الأربعاء الرابع عشر جمادى الآخرة سنة (١٤١٢هـ) فاللهم ارض عنه وتقبله.