للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عظيم الجد والاجتهاد في سبيل تحقيق أمنيته الكريمة هذه، ولو بذل في ذلك ماله وراحته وكل طاقة في فكره ولسانه، وسائر جسده، ولو بذل في ذلك آخر الأمر حياته.

والمسلم الفاهم لإسلامه ينظر إلى أعداء الرسالة الإسلامية التي يحملها إلى الناس بحب وصدق وإخلاص، كما ينظر الطبيب العاقل الرحيم، والحازم الحكيم، إلى مريض ذي مرض خطر معد، وهذا المريض شرس مشاكس، لا يقبل النصيحة الطبية، ويرفض تناول العلاجات اللازمات، ويصر على أنه سليم الجسم، ويزعم مع ذلك أن علم الطب كله خرافة من الخرافات التي يجب أن تهمل، ولا يكترث لها العقلاء.

ونظرة المسلم الفاهم لإسلامه إلى أعداء الرسالة الإسلامية بمثل هذه النظرة الحكيمة مع حرصه على خير الإنسانية جميعًا تجعله يتصرف بمنتهى الحكمة، لإنقاذ الجانحين من شرور أنفسهم، ولإنقاد الآخرين في شرورهم.

والحكمة تدعوه أن يسلك أجدى وسائل الإصلاح والإنقاذ، ويتدرج فيها من الدعوة الهادئة إلى الموعظة الحسنة، ثم إلى المجادلة بالتي هي أحسن، ثم إلى التهديد والإنذار، ثم إلى المجاهدة بأخف وسائلها، ثم إلى المدافعة بالوسائل العنيفة، وأخيرًا يجد نفسه ملجأ إلى أن يداهم الشر في عقر داره، لقتل جرثومته في معقلها، وإبادتها في بؤرة تكاثرها وتناميها، ليصون الإنسانية التي أحب لها الخير والسعادة ومن ويلات شياطين الإنس الذين أصروا على نشر الفساد في الأرض، وأن يكونوا جنودًا من جنود إبليس.

شرح الظاهرة الثالثة: التسوية بين الناس في أصل الإنسانية

لقد أعلنت أسس الحضارة الإسلامية:

- أنه لا فرق بين عرق وعرق، ولا بين لون ولون، ولا بين ناطق بلغة وناطق بأخرى، لمجرد اختلاف الأعراف أو الألوان أو اللغات.

<<  <   >  >>