- وأن الناس كلهم متساوون في أصل الإنسانية، وإن اختلف أفرادهم في الخصائص والهبات الفكرية والنفسية والجسدية.
- وأن اختلاف هذه الخصائص والهبات الربانية إنما هو أساس فقط لاختلاف المسئوليات في الحياة، وشرط طبيعي لتوزيع الأعمال فيها.
أما التفاضيل بين الأفراد فإنما يكون بالمكتسبات الإرادية للإنسان بعد ذلك، كل ضمن حدود هباته، وأجل هذه المكتسبات العلم النافع، والعمل الخير في الحياة، ومجانبة الشر ولو دعا إليه الهوى.
لكن التكريم عند الله مرهون بالتقوى، ومقداره يتناسب باطراد مع مقدار التقوى عند الإنسان، والتقوى أساسها الفكر السديد، وحقيقتها الإرادة الرشيدة ومظهرها العمل الخير، ومجانبة الشر وفعل السيئات، ويزيد التكريم عند الله بالارتقاء فوق التقوى على درجات البر والإحسان.
وبهذا الإعلان عملت الحضارة الإسلامية على نقل المجموعات البشرية من الدوائر الضيقة العنصرية، والقومية، والإقليمية، والطبقية، إلى أجواء فسيحة مملوءة بالتآخي، والتواد، والتراحم، والتسامح في الحق، والتعاون على البر والتقوى، والأخذ على يد الظالم مهما دنت درجة قرابته، أو عظمت مودته وصداقته، والتعاون على نصرة المظلوم مهما بعدت درجة قرابته أو اشتدت كراهيته وعداوته.
ونستطيع أن نلخص الفلسفة الإسلامية في هذا المجال بالعناصر التالية:
أولًا: إن اختلاف الخصائص والهبات الفردية التي يفضل الله بها بعض الناس على بعض إنا هو أساس لتحديد المسؤوليات، وشرط طبيعي لتوزيع الأعمال في الحياة، قال الله تعالى في سورة "الزخرف: ٤٣ مصحف/ ٦٣ نزول":