ويرجع سر وحدة المسلمين القوية إلى عدة عناصر راسخة الأسس في النفس الإنسانية، منها العناصر التالية:
العنصر الأول: وحدة العقيدة
إنه لما كانت العقيدة الإسلامية عقيدة حق، لا تشوبها شائبة الباطل، كانت قولهم حياة الإنسان العقلية والقلبية، ووحدتها بين جميع المسلمين المستمسكين بها جعلها بمثابة السلك الواحد الذي ينتظم عقول المسلمين بالحق، وقلوبهم بالعواطف الثابتة، في عقد جماعي واحد.
العنصر الثاني: وحدة التشريع
ولما كان التشريع الإسلامي الواحد هو النظام الضابط لحياة المسلمين في عباداتهم وأخلاقهم ومعاملاتهم المادية والأدبية، وسياستهم الداخلية والخارجية كان هذا التشريع قوام حياة أفرادهم، وحياة جماعتهم من الناحيتين الخلقية والسلوكية.
ووحدة أصول هذه التشريع بين جميع المسلمين المستمسكين بالإسلام الحق جعلها بمثابة سلك آخر ينتظم أعمال المسلمين وأخلاقهم وعاداتهم في عقد جماعي واحد، مؤكد بذلك وحدتهم الفكرية والاعتقادية التي جمعت عقولهم وعواطفهم في سلك واحد.
العنصر الثالث: مشاعر الأخوة الإيمانية
ولما كانت مبادئ التعاون والإيثار والتعاضد والتآزر والتآخي والتحابب بين المسلمين، من عناصر التشريع الإسلامي، التي تلزم بها الجماعة الإسلامية، وكان الكفر بالإسلام في مقابل ذلك يجمع الكافرين على مصالح مشتركة ضد المسلمين، كان كل ذلك بمثابة حزام متين يرص صفوف المسلمين في كتلة واحدة، كأنها جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، وهذه الكتبة الواحدة من المسلمين تقوم بوظيفتين:
الوظيفة الأولى: تماثل وظيفة الجسد الواحد، حينما تتعاون أعضاؤه وتتآزر فيما بينها, ويكمل بعضها بعضًا، ويمد بعضها بعضًا بالقوة والغذاء.