التي تعارف عليها الناس: إذا كان الاشتراك في النسب كافيًا لإيجاد رابطة الأخوة بين الأفراد وإن اختلفوا في العقائد والعواطف والمصالح، فإن الاشتراك في العقيدة الراسخة، والعاطفة المثلى، ونظام العيش الواحد، والمصالح المشتركة، أحق وأجدر بهذه الأخوة؛ لأن النسب تلاق في حدود الجسد فقط، أما هذه الأمور فإنها اتحاد في أكرم مقومات الإنسان.
شرح الظاهرة الخامسة: مراعاة الفطرة الإنسانية
ولقد كان من مظاهر العالمية والشمول في رسالة الإسلام الحضارية، ومن ظواهر انفتاح الحدود النفسية مراعاة الفطرة الإنسانية وأحوالها وأعراضها بشكل عام، في كل ما احتواه الإسلام من أحكام تشريعية دون تخصيص ولا تمييز عنصري أو قومي أو طبقي.
فالباحث في أحكام الإسلام التشريعية يلاحظ بوضوح ثلاثة أمور:
الأمر الأول:
إنها راعت الفطرة الإنسانية بشكل عام، ولهذا لم تحاب فئة من فئات الناس، ولا طبقة من طبقاتهم، ولا عنصرًا من عناصرهم على حساب الفئات والطبقات والعناصر الأخرى، فيما قررته من أحكام، فأحكام الإسلام أحكام تشمل العرب والعجم، والأغنياء والفقراء، والأشراف والضعفاء، والسادة والعبيد، والنساء والرجال بنسبة سواء، إلا ما كان منها مقتضيًا بحسب العقل والحكمة والمصلحة الإنسانية بشكل عام شيئًا من الفروق في الأحكام، كتكليف الأغنياء الزكاة دون الفقراء، ومنح الرجال مسئولية القوامة دون النساء، ونحو ذلك.
الأمر الثاني:
أنها راعت في نظرة شاملة اختلاف الخصائص التكوينية، والفروق الفردية في تحديد مسئوليات الأفراد، فمن ارتقت خصائصه من الناس بشكل عام،