للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الله تعالى في سورة "النساء: ٤ مصحف/ ٩٢ نزول":

{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} .

ففي هذا النص يأمر الله أولي الأمر من حكام المسلمين وقضاتهم بأقوى صيغة جازمة بأن يحكموا بين الناس بالعدل دون تمييز بين عناصرهم وأصنافهم وطبقاتهم وبعدائهم وذوي قراباتهم.

ثم أكد ذلك بقوله تعالى في سورة "المائدة: ٥ مصحف/ ١١٢ نزول":

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} .

وفي هذا النص يأمر الله تعالى الذين آمنوا بأن يكونوا قوامين لله، أي: لا لأنفسهم وأهوائهم وشهواتهم، فهم منفذون أحكام الله ضمن حدود شريعته.

وأي إخلال في ذلك أو تلاعب إنما هو خيانة للأمانة التي حملوها، ولا يتم كونهم قوامين لله ما لم يتقيدوا بأحكام شريعة الله ولو على أنفسهم وأهليهم وذوي قرابتهم، وذلك يتطلب من الشهداء أن يكونوا شهداء بالقسط، والقسط هو العدل المعتمد على الحق.

ثم يناههم الله عن أن يحملهم البغض بينهم وبين قوم آخرين على مجانبة سبيل العدل معهم في الحكم والقضاء أو في الشهادات، وهذا ما تضمنه قوله: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا} . أي: ولا يحملنكم بغضكم الهائج ضد قوم على ألا تعدلوا معهم.

وتدعيمًا لهذا المبدأ الذي تشتمل عليه أسس الحضارة الإسلامية يقول الله تعالى في سورة "الأنعام: ٦ مصحف/ ٥٥ نزول":

{وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} .

وفي هذا النص يأمر الله تعالى بالعدل في القول دون تأثر بعواطف القرابة، التي تنزع في نفس الإنسان، كيما يجانب سبيل العدل.

<<  <   >  >>