للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العربي محمدًا صلوات الله عليه، واختار لحمل رسالته إلى الناس جميعًا الأمة العربية، بوصفها طليعة حملة هذه الرسالة الربانية.

فلما تمكن الإيمان بالإسلام في القلوب والنفوس العربية، التي عبث مبادئ الإسلام وأسسه من منابعه الصافية العليا التي لم تكدرها المجاري البعيدة، تخلت هذه القلوب والنفوس عن أنانياتها وعصبياتها وعنصرياتها وطبقياتها الضيقة المقيتة، واتجهت نحو العالم منفتحة للناس جميعًا، حرصًا على إنقاذ المتردين في المهالك، ورد الجانحين إلى سبيل الرشاد، ودفع المجتمع الإنساني كله إلى الترقي في سلم الحضارة المثلى الجامعة لكل عناصر الخير والكمال الإنسانيين.

وكما يتجلى الاتجاه الإنساني غير المحدود بحدود أية دائرة من الدوائر ذات الخصائص الأنانية لدى دراسة أسس الإسلام، ومبادئه، وأحكامه، ونظمه وسائر تعاليمه المختلفة، يتجلى تطبيق هذا الاتجاه بشكل عملي لدى دراسة المجتمع الإسلامي الأول، الذي كان خاضعًا للتوجيه الدقيق، والقيادة المثلى، من قبل الرسول صلوات الله عليه، فلقد كان في سيرته وقيادته وأخلاقه وكل تصرفاته صورة عملية حية للرسالة الإسلامية، التي اصطفاها الله للناس جميعًا.

ثم تبرز للباحثين الأمثلة الرائعة في العصور الذهبية للتاريخ الإسلام بعد عصر الرسول صلوات الله عليه، وهي القرون المطبقة للإسلام، وهذه الأمثلة الرائعة تدل على أن المسلمين قد كانوا في رسالتهم الحضارية للناس جميعًا متمثلين أسس هذه الرسالة تمثلًا سويًّا.

ومن أجل ذلك فتحت لهم الأرض والنفوس والقلوب أبوابها، في مشارق الأرض ومغاربها، وهذا ما جعلهم يقودون موكب الحضارة العالمية، الرائدة الصاعدة إلى قمم المجد، وما زالوا كذلك حتى أدركهم الوهم والبعد عن المنهج الإسلامي العظيم.

وكان لإلغاء الفوارق العرقية والعنصرية والإقليمية والطبقية الذي نادت به

<<  <   >  >>