كانوا يلتقطونها من كل مكان، ومن مجموع هذا المواد المختلفة التي صبت فتمازجت تمازجًا متجانسًا، أبدعوا مدينة حية مطبوعة بطابع قرائحهم وعقولهم، وهي ذات وحدة خاصة وصفات فائقة". ا. هـ.
أمثلة عن الميادين المختلفة لنشاط المسلمين:
ولدى تتبع ميادين نشاط المسلمين المختلفة، لا بد أن نعرض أمثلة منها: نقدم فيها بيانًا موجزًا عامًّا يعتمد على نقول وشهادات، لنعود إلى التفصيلات المناسبة في الباب الخاص بالآثار التطبيقية للحضارة الإسلامية من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
التاريخ والجغرافية:
لقد كان للمسلمين نشاط جم في علمي التاريخ والجغرافي، ولقد أعجب كثير من العلماء الأوروبيين الذين تفقهوا الحضارة الإسلامية من كتبها، وأكبروا أعمال المؤرخين والجغرافيين المسلمين، أمثال: المقدسي، وابن حوقل، وياقوب الحموي، والمسعودي، والطبري، وابن الأثير، والبلاذي، والبيروني، وأبي الفداء، وابن جبير، وابن سعيد، وابن سعد، وابن خلكان، وابن عساكر، والإدريسي إلى آخرين كثيرين كتبوا في هذين العلمين، وكتبهم تفخر بها المكتبة الإسلامية، ولقد استفاد منها الغربيون فوائد جلى، ونوهوا بها في شتى المناسبات.
قال: "غوتيه":
"إن الشريف الإدريسي الجغرافي كان أستاذ الجغرافية الذي علم أوروبا هذا العلم، لا بطليموس، ودام معلمًا لها مدة ثلاثة قرون، ولم يكن لأوروبا مصور للعالم إلا ما رسمه الإدريسي، وهو خلاصة علوم العرب "أي المسلمين" في هذا الفن، ولم يقع الإدريس في الأغلاط التي وقع فيها بطليموس في هذا الباب".