واصلحوا في علم البصريات خطأ اليونان بكون الشعاع يصدر من العين ويمس المرئي فيظهره، فقالوا: إن الشعاع يمر من المرئي إلى العين.
وفهموا أساس انعكاس النور أو انكساره، وكشفوا عن طريق الشعاع المنحني في الهواء أننا نرى الشمس قبل الشروق وبعد الغروب، وبرهنوا على ذلك بانكسار الضوء.
والذي يدهش كثيرًا أن نتصور أشياء تفاخر بأنها من مواليد وقتنا، ثم لا نلبث أن نراهم سبقونا إليها، فتعليمنا الحاضر في النشوء والارتقاء كان يدرس في مدارسهم، وحقًّا إنهم وصلوا به إلى الأشياء الآلية، وغير الآلية، فكان المبدأ الرئيسي في الكيمياء عندهم، والمظهر الطبيعي للأجسام المعدنية" إلى غير ذلك من أقوال له.
أما "غوستاف لوبون" فله تحقيقات واسعات يشرح فيها فضل المسلمين على المدينة الغربية الحديثة، فمما جاء منها لدى حديثه عن مناهج المسلمين العلمية:
"إن خزائن الكتب والمختبرات والآلات هي مواد للتعليم والبحث اللازم، ولكنها ليست إلا أدوات، وقيمتها منوطة بالطريقة التي تستعمل فيها، فقد يتلقف المرء علم غيره وهو عاجز عن أن يفكر فيه بنفسه أو يبتدع أي شيء، وقد يكون تلميذًا دون أن يوفق إلى أن يصبح أستاذًا أما العرب "أي المسلمون" فبعد أن كانوا تلاميذ عاديين أساتذتهم تآليف اليونان أدركوا للحال أن التجربة، والترصد خير من أفضل الكتب "يعني بذلك ما تدخل في مجالات العلوم المادية والصناعات" هذه الحقيقة اليوم معروفة لا يعد العمل بها بدعًا، ولكنها لم تكن كذلك في سالف الدهر، فقد ظل علماء القرون الوسطى يشغلون ألف سنة قبل أن يدركوها.
ينسب إلى بيكون على العموم أنه أول ما أقام التجربة والترصد اللذين هما ركن المناهج العلمية الحديثة مقام الأستاذ، ولكنه يجب أن يعترف اليوم بأن ذلك كله من عمل العرب وحدهم، وقد أبدى هذا الرأي جميع العلماء الذين درسوا مؤلفات العرب.