للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التطبيق العملي، وذلك بتأثير من عوامله النفسية المختلفة، أو لعجز في قدراته الحالية عن التنفيذ، وهو يأمل أن يكتسب مهارات جديدة، وقدرات جديدة تمكنه من الزيادة على ما هو فيه.

وقد سبق بيان أن تحقيق المثالية في جانب العقائد أمر ميسور لكل ذي عقل وإرادة، وإن كان ذلك في حدود أدنى درجات المثالية، فليس عسيرًا على أي إنسان أن يؤمن بالله وبسائر أركان الإيمان، وبكل الأمور التي جاء بها الإسلام.

الملاحظة الثانية: ولدى التأمل الدقيق نلاحظ أن المثاليات ذوات درجات، بعضها أرقى من بعض، والواجب المفروض منها أدناها، وما زاد على ذلك فهو زيادة في الارتقاء المثالي.

فالمثالية في الإيمان تتم بالإقرار والإذعان في القلب، ولكن هذا الإيمان قابل لأن ينمو في القلب ويعظم كما ينمو الوليد الجديد التام الخلقة، حتى يغدو رجلًا قويًّا كامل الرجولة، ويستمر الإيمان في القلب قابلًا لأن ينمو ويعظم، حتى يملأ القلب طمأنينة، ويزيل عنه كل أثر من آثار النفس، ويطرد عنه كل وسوسة من وساوسها ووساوس الشيطان، ويصبح لو انكشفت عنه فيها كل الأغطية عن الغيوب لم يزدد يقينًا.

وفي درجات هذه المثالية ارتقى إبراهيم عليه السلام حينما قال لربه: كما حكى الله ذلك عنه في سورة "البقرة: ٢ مصحف/ ٨٧ نزول":

{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} .

ومعنى صرهن إليك: أملهن إليك وقطعهن واخلط لحمهن وريشهن.

فلما فعل إبراهيم عليه السلام ذلك زاد قلبه اطمئنانًا بالإيمان, وذلك لأن الشهود المادي لحادثة إحياء الموتى عظم حجم الإيمان في قلبه حتى طرد عنه

<<  <   >  >>