للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخطأ:

وتظهر لنا الواقعية الإسلامية في رفع التكليف حالة الخطأ الذي لا يملك الإنسان دفعه.

الخطأ: هو مجانبة سبيل الصواب مع قصده، أو عدم إصابة الهدف المرجو، أو إصابة غير الهدف المقصود، في العمل، أو في الفكر، أو في اللسان.

وهو ظاهرة طبيعية من الظواهر الإنسانية التي لا يملك الإنسان بحسب قدراته العامة دفعها، وهذه الظاهرة تتجلى في أعمال الإنسان، وفي أقواله، وفي إدراكاته الحسية، وفي أفكاره.

ومن الخطأ في الأفكار خطأ المجتهد في استنباطاته، وخطأ القاضي في أحكامه، وخطأ الباحث عن الحقيقة بصدق وإنصاف فيما توصل إليه بعد البحث.

ولما كانت هذه الظاهرة أمرًا طبيعيًّا في الإنسان، لا يستطيع في كل الأحوال دفعه، على الرغم من حرصه الشديد على مجانبة الخطأ، وبذله وسعه في ذلك، واتخاذه كل الاحتياطات المطلوبة منه، اقتضت الواقعية في أسس الإسلام مراعاة هذه الظاهرة، التي لا يملك الإنسان دفعها، وذلك برفع المؤاخذة عنه ضمن شروط ثلاثة:

الشرط الأول: أن يكون تصديه للأمر بعد تحقق غلبة الظن بأنه كفؤ له بحسب الأعراف العامة عند الناس.

الشرط الثاني: أن يتخذ الوسائل والاحتياطات المستطاعة التي تدفع عنه احتمالات الخطأ، أو تخفف منها قدر المستطاع.

الشرط الثالث: ألا يكون منه تقصير أو تفريط.

فإذا تحققت هذه الشروط لديه، ثم وقع منه الخطأ بعد ذلك فهو معذور عند الله، أما إذا أخل بها كلها أو بعضها فإن المسئولية تلاحقه منذ شروعه في

<<  <   >  >>