للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر الذي هو فيه، أصاب فيه أم أخطأ؛ لأن ما بني على غير مأذون به فالخطأ فيه غير معفو عنه.

فمن قام بعمل لا يحسنه، أو مارس ما لا قدرة له على تصريفه، أو تصدى للقيام بأمر لا يستطيع القيام به، فوقع منه خطأ يؤاخذ به متعمده، فهو أيضًا كالمعتمد يؤاخذ به؛ لأنه قام بما لم يؤذن له فيه شرعًا.

ومن أمثلة ذلك أن يتصدى لتولي القضاء من ليس هو أهلًا له، فإنه مسئول في الإسلام عن كل الأخطاء التي يقع بها في أقضيته، ومؤاخذ عليها؛ لأنه قبل أن يتولى أمرًا ليس كفئًا له.

ومن أمثلة ذلك أن يتصدى لتطبيب الناس من لا علم له بالطب، فإنه لا يعذر في الإسلام عن الأخطاء التي يرتكبها في معالجته الطبية، فإذا أضر بمريضه أو قتله عوقب على ذلك بنسبة الجرم الذي ارتكبه، ولو كان ذلك منه على سبيل الخطأ في التطبيب؛ لأنه غير مأذون شرعًا بممارسة تطبيب الناس، وهو جاهل بالطب، ويسمى ممارس التطبيب وهو جاهل متطببًا، أي متعديًا على صنعة الطب التي لا يحسنها.

ومن أمثلة ذلك أيضًا أن يتصدى للفتيا واستنباط أحكام الشريعة الإسلامية من لا قدرة له على ذلك، ولم تتوافر لديه الشروط الواجبة للاجتهاد والفتيا واستنباط الأحكام الدينية، فإنه مسئول عن كل الأخطاء التي يرتكبها في اجتهاداته وفتاويه واستنباطاته الشرعية، ومؤاخذ عليها شرعًا؛ لأنه تطاول على ما لا قدرة له عليه، وتجرأ على الله في الدين.

وفي الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رءوسًا جهالًا فسئلوا فافتوا بغير علم فضلوا وأضلوا".

<<  <   >  >>