للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن التقصير الذي يوقع في الخطأ وتكون معه المؤاخذ الإسراع فيما يجب فيه التأني، والاعتماد على أضعف الأدلة وأيسر الوسائل، في أمور يجب فيها التروي والبحث على أقوى الأدلة، ويجب فيها اتخاذ المستطاع من الوسائل الممكنة.

ومن التقصير الذي يوقع في الخطأ وتكون معه المؤاخذة أن يقضي القاضي وهو شديد النعاس، أو يدفع أحد الأخبثين، أو في حالة من الحالات الإنفعال المضيع للصواب، والمشتت للذهن كالغضب ونحوه.

ومن التقصير الذي يوقع في الخطأ وتكون معه المؤاخذة على الخطأ.

أما من اتخذ ما يجب عليه اتخاذه، ولم يقصر، ولم يفرض ولم يتهاون فإنه إذا أخطأ فخطؤه معفو عنه، بهذا تقضي الواقعية في أسس الإسلام التكليفية، قال الله تعالى في سورة "الأحزاب: ٣٣ مصحف/ ٩٠ نزول":

{وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} .

ففي هذه الآية بيان واضح بأن من أسس الإسلام في التكليف أنه لا جناح على الإنسان فيما صدر منه على سبيل الخطأ، دون أن يكون قد تعمد ارتكابه، وهو يعلم أنه مجانب سبيل الصواب، ولكن الجناح على من تعمد مجانبة سبيل الصواب تلبية لهوى من أهواء النفس، أو شهوة من شهواتها، وهذا التعمد عمل من أعمال القلوب، ولذلك قال جل وعلا: {وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} .

ومن أمثلته في هذا المجال العملي القتل دون تعمد، كأن يسدد صياد ماهر على حيوان ليصيده، فتصيب رميته إنسانًا على سبيل الخطأ فتقتله، والأصل في

<<  <   >  >>