للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الهدوء والأناة، ونلاحظ أن الدعوة إلى توحيد الآلهية مقرونة بالدليل عليها، ألا وهو انفراد الله بالربوبية، فهو الذي له ملك السماوات والأرض، وهو الذي يحيي ويميت.

ومما لا ريب فيه أن أسلوب الدعوة في مراحلها الأولى ينبغي أن يكون مملوءًا بالهدوء والأناة، خاليًا من كل عنف وجدال، وهذا ما أرشد الله رسوله إليه.

ب- ومن أمثلة الإقناع بالأدلة ما فعله الله تعالى بالعزير الرجل الصالح من بني إسرائيل، إذا مر على قرية أموات، فقال: أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه وبعث حماره وهو يشاهد بعثه، فبين له بالدليل الحسي كيف يحيي الله الموتى، كما رأى بنو إسرائيل من أهل قريته هذا الحديث التاريخي العجيب، قال الله تعالى في سورة "البقرة: ٢ مصحف/ ٨٧ نزول":

{أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} .

ج- ومن أمثلة الإقناع عن طريق تقريب الحقائق بالأشباه والنظائر والمساويات طائفة من الأدلة، عرضها القرآن لتقريب فكرة البعث لعقول المنكرين.

رُوي أن جماعة من كفار قريش، منهم أبي بن خلف الجمحي، وأبو جهل، والعاص بن وائل، والوليد بن المغيرة، تكلموا في شأن الإسلام، فقال لهم أبي بن خلف: ألا ترون إلى ما يقول محمد إن الله يبعث الأموات ثم قال: واللات والعزى لأصيرن إليه ولأخصمنه، وأخذ عظمًا باليًا فجعل يفته بيده، ويقول: يا محمد أترى الله يحيي هذا بعد ما رم، قال: "نعم، ويبعثك

<<  <   >  >>