للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنيفًا مخيفًا، يخيل للناظر إليه أن الأودية تسيل أيضًا مع تدفق الماء، ويصطرع الماء في مجراه مع أشواك وأعواد يابسة، وأكوام قمامات، كان لها بروز وظهور في الوديان وعلى السفوح وفي المرتفعات، فيقتلعها ويحتملها، فيكون لها بروز وظهور آخر على سطوح المياه، لخفتها وطيشها، وترغي وتزيد، فيغتر بها الجاهلون، ثم تستفر المعركة عن قذف هذا الجفاء الطافي، وطرحه إلى الشاطئين، حقيرًا مستقذرًا ينتظر البلى، وأما الماء الطهور الذي ينفع الناس، فيمكث في مجاريه ومساربه من الأرض.

وأما المثل الثاني: فهو مشهد آخر من المشاهد التي يلاحظها أرباب الصناعات داخل مصانعهم، مهما كانوا بعيدين عن أجواء البوادي وتقلباتها الكونية، إنه مشهد المعادن وأشباهها، التي يصهرونها بوساطة النار الموقدة عليها، إنهم يلاحظون زبدًا آخر يطفو على سطوح منصهراتهم، بعد أن يشتد صراع الغليان بين الجوهر النافع، وبين الشوائب المفسدة، فالجاهل ربما يظن أن الزبد هو الشيء الثمين، لبروزه، أو لتلامع ألوانه لكن الخبير العارف يسرع إليه، فيقذف به خارجًا، لينقي معدنة من أخلاطه الدنيئة، ويصفي جوهره من خبثه، وأما ما يمكث من دون السطح فيحتفظ به؛ لأنه هو الجوهر النافع الثمين.

وكذلك مثل الصراع بين الحق والباطل، قال الله تعالى في الآية: {كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ} .

وكذلك مثل الصراع بين المحقين والمبطلين، قال الله تعالى في الآية: {كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَال} .

والنتيجة مثل: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ} .

ويناظر هذه النتيجة في المثل نتيجة في الممثل له، وذلك بأن نقول: فأما الباطل فيضمحل ويتلاشى ويزهق، وأما الحق فيستقر ويثبت ويكون له السلطان.

شرح العنصر الثاني: "وهو الترغيب"

عرفنا أن العنصر الثاني من العناصر الكبرى لخطة الوسائل التربوية الواقعية في الإسلام هو عنصر الترغيب.

<<  <   >  >>