للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن الترغيب هو العنصر الذي يمثل القوة المحرضة والجاذبة الواقعة على جوانب وفي آخر طريق الخير، الذي يدعو إليه الإسلام، ووظيفة الترغيب دغدغة المطامع الإنسانية، فدغدغة هذه المطامع في اتجاه طريق الخير قد تدفع عن الإنسان الصوارف النفسية التي تصرفه عنه؛ إذ تستعطف شهواته مغريات أخرى، واقفة في اتجاهات سبل الشر المختلفة.

ولما كانت سبل الشر في الحياة محفوفة بمغريات الأنفس كانت أصول التربية تستدعي إيجاد قوة محرضة وجاذبة في طريق الهداية، زائدة على الإقناع الفكري المجرد، وذلك لتنضم إلى قوة القناعة الفكرية -ذات الأثر في الأنفس بنسب تتفاوت بحسب تفاوت الناس- قوة أخرى هي قوة اندفاع نفسي، تحركها مطامعها الذاتية، وبهاتين القوتين يستطيع الإنسان أن يستهين بالمغريات الأخرى، الواقعة في سبل الشر، ويكف بصره ونفسه عنها، ويتجه اتجاهًا سويًّا في فكره وسلوكه.

ومن الملاحظ أن النسبة العظمى من الناس أسراء أنفسهم ومطامعهم وشهواتهم، فهم يستجيبون لها أكثر من استجابتهم لعقولهم وأفكارهم.

ومن الناس من تكون مطامعهم النفسية غلابة على تفكيرهم، فتحجب عنهم سبل التفكير السديد.

فإذا لاحت لهؤلاء أو هؤلاء رغائب في طريق للخير نفسه تهيأت لهم الظروف الملائمة كلها، كيما تتجه مطامعهم لطريق الخير الذي يتجه له التفكير السديد، وتكون لهم هذه المطامع بمثابة القوة الإضافية للفكر، بما فيها من تحريض له على السعي الحثيث، والبحث لاستبانة غوامض الأمور، والإحاطة بجوانب المشكلات، وتكوين القناعة في النفس، المصحوبة بإرادة التنفيذ لما توجب القناعة عمله.

وبهذا يتبين لنا أن الترغيب بشكل عام يمثل وسيلة استرضاء واستعطاف لما لدى الإنسان من طمع بمنافع ولذات وخيرات معجلة أو مؤجلة، فمتى استرضيت النفس بشيء من ذلك سكتت عن الإنسان الصوارف له عن طريق

<<  <   >  >>