للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخير، وغدا سهل الأنقياد فيه، وانفتحت نفسه للاقتناع به، والتعلق الشديد بأسبابه.

ولما كان الإسلام هداية للناس جميعًا، وواقعيًّا في جوانبه العملية، كانت الواقعية فيه تتطلب إيجاد عنصر الترغيب في وسائله التربوية للناس، وذلك في كل ما يهديهم إليه من خير، ويدعوهم إليه من فضيلة.

ومن أجل هذا نجد نصوص القرآن والسنة مليئة بإعلان ما أعد الله للذين آمنوا ويعملون الصالحات من أجر عظيم، وثواب جزيل، ترغيبًا للناس بسلوك صراط الله المستقيم، وذلك إضافة إلى النصوص المشحونة بالإقناع الفكري.

شرح العنصر الثالث: "وهو الترهيب"

أما العنصر الثالث من العناصر الكبرى لخطة الوسائل التربوية الواقعية في الإسلام فهو عنصر الترهيب.

إن الترهيب هو العنصر الذي يمثل القوة الصادة عن الانحراف إلى سبل الشر، التي ينهى عنها الإسلام، وذلك لأن إثارة المخاوف من سلوك سبيل ما، أو القيام بعمل ما، من شأنها أن تقلل من اندفاع الإنسان نحو ذلك السبيل أو ذلك العمل، وأن تضعف من قوته، وتجعله قلقًا حذرًا، حتى ولو غامر في الأمر، واستهان بالمخاوف، إلا أن محاذير سلوك سبل الشر عواقب وخيمة لا تستهين بها العقلاء بحال من الأحوال، متى تبصروا بها حقًّا، وعلى مقدار نمو الحذر من جهة من الجهات تخبو جذوة الأطماع والأهواء المتأججة نحوها، وبالتكرار والمعالجة المتابعة تنصرف النفس انصرافًا نهائيًّا. وتكتسب خلق الزهد والعفة عن المحارم، مهما كانت إغراءاتها آسرة للنفس، مثيرة لرغباتها وأهوائها.

ولما كانت سبل الشر في الحياة محفوفة بمغريات الأنفس، وفواتن الأهواء والأفكار، كانت أصول التربية الواقعية تستدعي إيجاد قوة صادة عنها، زائدة على قوة الإقناع الفكري المجرد، ومضافة إلى وسيلة الترغيب، وهذه القوة الصادة إنما هي وسيلة الترهيب.

<<  <   >  >>