وقد أثبتت الدراسات النفسية أن الإنسان متى خاف من الأخطار الرابضة في جهة من الجهات خنست أطماعه واستخذت، وكفت حذرًا وإن لم تكن عفت، لكنها بالتدريب والتمرس تكسب العفة المطلوبة.
وتستفيد التربية الواقعية لدى استخدام هذه الوسيلة مما لدى الإنسان من خوف وحذر من العواقب المؤلمة القريبة أو البعيدة.
ومن الملاحظ أن طائفة من الناس لا يصلحهم الإقناع الفكري، ولا تكفي لإصلاحهم وسيلة الترغيب، وأن أنجع علاجات الإصلاح بالنسبة إليهم إنما هي وسيلة الترهيب، فهم يتأثرون بالمخاوف أكثر من تأثرهم بالمرغبات، وذلك لأنهم قد يكونون ممن يؤثرون اللذات العاجلات مهما كانت ضئيلة على الخيرات الآجلات مهما كانت جليلة، ومن أجل ذلك يضعف لديهم أثر الترغيبات بالثواب الجزيل على فعل الخير، وترك الشر، لكنهم إذا مثلت المخاوف المحققة في نفوسهم تيقظوا وحذروا واستقاموا.
ولما كان الإسلام واقعيًّا في جوانبه العملية، وكان هداية للناس جميعًا، اقتضى ذلك منه أن يستفيد في هداية الناس من استخدام وسيلة الترهيب من العقاب العاجل والآجل، ليصدهم عن سلوك سبل الشر، وذلك بإثارة مخاوفهم من سلوك هذا السبل.
يضاف إلى ذلك أن حكمة الابتلاء الرباني للناس اقتضت أن يقضي الله بتنفيذ قانون العدل، الذي قرره في محاسبة المكلفين من عباده، ومجازاتهم على ما يكسبون، إن خيرًا فخير، أو شرًّا فشر، وبعض ما يجازي به الله معجل في الدنيا، وبعضه الآخر مؤجل لما بعد الموت، والجزاء الأوفى قد أدخره الله إلى يوم الجزاء الأكبر.
ومن أجل هذا نجد نصوص القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف مشحونة بإعلان ما اعتد الله للذين كفروا ويعملون السيئات من عذاب أليم، ترهيبًا للناس من سلوك سبل الضلالة، وذلك إضافة إلى نصوص الإقناع الفكري، ونصوص الترغيب.