للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أمثلة ذلك أيضًا علمنا بما نحس به من لذة وألم، وانشراح وانقياض، وهو وأمل، واستحسان واستقباح، ومسرة وحزن، وحب وكراهية، وميل ونفور، وفرح وغيظ، ورحمة وشفقة وحنان، أو حقد ورغبة بالانتقام، وتفكر وتذكر وتخيل، ونحو ذلك مما نحسه في داخلنا بحواس باطنية فينا.

ومتى وصلت صورة الإدراك الحسي إلى درجة القطع والجزم بما أدركناه دخلت هذه الصورة ضمن الحقائق العلمية التي لدينا، بشرط أن تكون أجهزتنا التي أدركتها سليمة من الخلل، ويشهد بسلامتها أن يتفق جمع من الناس سليمي الحواس على هذه الصورة الحسية نفسها.

ب- وأما مسلك الاستدلال العقلي القاطع الذي يفيد العلم اليقيني فهو المسلك الذي يعتمد على العمليات العقلية التحليلية، والتركيبية، والقياسية، والاستنتاجية، مع استفادة العقل في كل ذلك مما نقلته الحواس إليه من صور الأشياء والمعاني المنبثة في الوجود.

وبعد عمليات التخليل والتركيب والقياس والاستنتاج القطعية تتبلور النتائج لدى العقل بصورة علم جديد.

ولا يقبل في هذا المسلك من مسالك الطريق المنطقي السليم إلا العمليات العقلية القطعية التي لا تحتمل الخطأ.

ونستطيع أن نلاحظ أن كثيرًا من علومنا ومعارفنا القطعية إنما اكتسبناها بهذا المسلك العقلي الجازم.

ومن أمثلة ذلك استنتاجنا العقلي بأن عدد الألف أكثر من عدد المائة، وأن كل الشيء أكبر من جزئه، وأن الشيء الواحد بالذات لا يمكن أن يكون في مكانين بآن واحد، وأن الشيء الواحد لا يمكن أن يكون موجودًا ومعدومًا بشكل فعلي في وقت واحد، وأن حاصل ضرب عدد بعدد أو طرح عدد من عدد أو قسمة عدد على عدد يساوي كذا.

ومن أمثلة ذلك أيضًا كثير مما نستنتجه في حياتنا الدائمة من خلال بعض

<<  <   >  >>