للاستجابة والإصغاء، والداعي الحكيم يعمل على تهيئة الجو النفسي الملائم، ثم يحسن الاستفادة منه لدعوته الخيرة، ولعلماء النفس في هذا الباب نظرات يمكن الاستفادة منها بشكل واسع، وقد سبقهم في ذلك علماء المسلمين الذين اطلعوا بمهمات التربية الإسلامية العملية، والدارس لأحوالهم يجد أن لديهم أساليب كلامية محاطة بأجواء ملائمة تتغشى على الأنفس بالسكينة والطمأنينة، فتجعلها في ذروة الاستعداد للتأثر بما يملي عليها.
الوسيلة الثانية:
الكتابة نشرًا وشعرًا وما بينهما، ويكون ذلك عن طريق المؤلفات، والمقالات، وسائر المنشورات المكتوبة، التي تدخل إلى النفوس عن طريق الإقناع الفكري، أو عن طريق التأثير الوجداني.
ولهذه الوسيلة أثرها الفعال عند كثير من الناس، ومنهم المصابون بعقدة الاستعلاء والاغترار بالنفس والإعجاب بالرأي، والمصابون بعقدة الكبر والعناد، فهؤلاء يصعب عليهم تلقي أية نصيحة مهما رق أسلوبها، وعذب لفظها، وتأخذهم العزة النفسية المقرونة بالإثم، متى وجه لهم ناصح أية موعظة مهما كانت حسنة لكنهم إذا قرءوا ذلك في كتاب أو في مقالة أو في شعر أمكن أن يدخل إلى نفوسهم دون أن يصطدم بما لديهم من عقد صماء.
الوسيلة الثالثة:
التربية والتعليم، وينبغي أن تهتم هذه الوسيلة بالمراحل الأولى لحياة الإنسان اهتمامًا كبيرًا، لما لها في هذه المراحل من آثار عظيمة، فهي في هذه المراحل أنفذ إلى أعماق النفوس، وأكثر تأثيرًا وأبقى مع الزمن، ثم تهتم بالمراحل الثانية التي تضم المراهقة والشباب، ثم تهتم بما وراء ذلك من مراحل في حياة الإنسان، وتغطي كل مرحلة ما يناسبها من الأصول والقواعد التربوية الحكيمة.
وتتحقق هذه الوسيلة بتأسيس المدارس والمعاهد والجماعات الإسلامية، التي تتآزر فيها الخطط والمناهج والتطبيقات لتحقيق غاية بناء الحضارة الإسلامية المجيدة.