وجعل كثيرًا من اللذات مزالق تُقضي إلى الشر المستطير، لتتم بكل ذلك حكمة الابتلاء التي أرادها الله في هذه الحياة، وبدون ذلك لا تتم حكمة الابتلاء على الوجه الأكمل، وفي حكمة الابتلاء يكمن سر خلق الله الإنسان.
استعمالات قرآنية على هذا الوجه:
لدى تتبع النصوص القرآنية نجد أن أكثر ما جاء فيها من مادتي الخير والشر مستعمل في حدود هذا الوجه الثالث، ومن أمثلة ذلك ما يلي:
أ- قول الله تعالى في سورة "الزلزلة: ٩٩ مصحف/ ٩٣ نزول":
{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} .
فالخير والشر هنا تابعان للعمل الإرادي الذي يمارسه الإنسان في حياته الدنيا ضمن حدود الابتلاء الرباني.
ب- وقول الله تعالى في سورة "الحج: ٢٢ مصحف/ ١٠٣ نزول":
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} .
ففي هذه الآية يأمر الله سبحانه الذين آمنوا بفعل الخير، ويرتب عليه رجاء فلاحهم، وفعلهم الخير هو من الأعمال الإرادية التي يمارسونها في حياتهم.
ج- وقول الله تعالى في سورة "المزمل: ٧٣ مصحف/ ٣ نزول":
{وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .
فما يقدمه الإنسان لنفسه إنما هو عمله الإرادي، سواء كان عملًا قلبيًّا أم نفسيًّا أم جسديًّا.
د- وقول الله تعالى في سورة "آل عمران: ٣ مصحف/ ٨٩ نزول":
{وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} .