لم تطل المدة التي أخذ فيها علما النحو والصرف يتكاملان، حتى استوفيا حظهما من النضح؛ إذ تعهدهما بعد أبي الأسود الدؤلي علماء البصرة بالتنشئة والتربية حتى منتصف القرن الثاني للهجرة، ولم يستهل العصر العباسي إلا وهما يدرسان في البصرة والكوفة.
ثم أخذا يتسارعان بالنماء إلى مرحلة النضج على أيدي علماء مدرستين متنافستين:
- أركان إحداهما البصريون.
- وأركان الأخرى الكوفيون.
واستمر هذا التنافس قرابة نصف قرن، وما اقترب القرن الثاني الهجري من نهايته حتى كان علما "النحو والصرف" مندمجين علمًا شابًّا مترعرعًا قويًَّا، وبدأ ينضج ويكتمل، واستمر في هذا الطور حتى استوفى حظه من النضج في نحو نصف قرن آخر، على أيدي علماء البصرة، وعلماء الكوفة، في مدرستيهما المتنافستين، اللتين اجتمع شملهما وتوحدتا في بغداد منذ انتهى طور النضج.
ولم يبق في هذا العلم لمن وراء علماء البصرة والكوفة ممن جاء بعدهم من البغداديين، فالشاميين، والمصريين، والأندلسيين إلا البسط والترجيح، والتفسير والتعليل والتنقيح، وحسن الجمع والتصنيف، وبعض تحريرات وزيادات.
٤- لمحة عن الرواد:
بعد المؤسس الأول البصري أبي الأسود الدؤلي يبرز للباحثين المتتبعين من رواد علم العربية "نحوها وصرفها" الأعلام الذين أجمل الحديث عنهم فيما يلي:
١- نصر بن عاصم الليثي "٠٠٠-٨٩هـ" كان من فقهاء التابعين، وعالمًا