للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونظرًا إلى أن القرآن المجيد قد اصطفى الله عز وجل فيه أجود ما لدى القبائل العربية من مفردات، ليكون عنصرًا من عناصر إعجازه البياني، وليكون له أثر في جمع شمل العرب على الإسلام، وجدنا أن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرفون معاني بعض المفردات الواردات في القرآن، ومن أمثلة هذا ما يلي:

١- سأل الخليفة الراشد "عمر ابن الخطاب" رضي الله عنه وهو على المنبر عن معنى "التخوف" في قوله الله عز وجل في سورة "النحل: ١٦ مصحف/ ٧٠ نزول":

{أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} .

فسكت المسلمون وفيهم جمع كبير من أقحاح العرب من قريش وغيرها، ثم قام شيخ من هذيل، فقال: هذه لغتنا، التخوف: التنقص.

قال عمر: فهل تعرف العرب ذلك في أشعارها؟

قال الهذلي: نعم، قال شاعرنا زهير:

تخوف الرحل منها تامكًا قردًا ... كما تخوف عود النبعة السفن

التامك: سنام الناقة. قردًا: أي متجعد الوبر. عود النبعة: أي: عود شجرة تنبت في قلل الجبال، تتخذ منها القسي والسهام.

السفن: كل ما ينحت به الشيء ويلين به، كالفأس، والقدوم، والحجر الخشن، والمبرد.

والمعنى: تنقص الرحل بثقله من الناقة سنامًا متجعد الوبر، كما تنقص عود النبعة ليكون قوسًا أو سهمًا صالحًا فأس أوقدوم أو نحوهما.

وعن أبي بكر بن الأنباري قال: أتى أعرابي إلى ابن عباس فقال:

تخوفني مالي أخ لي ظالم ... فلا تخذلين المال يا خير من بقي

فقال ابن عباس: تخوفك، تنقصك؟

<<  <   >  >>