للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونظرة فاحصة تتبع العمل الجليل الذي قام به بناة الحضارة الإسلامية، لوضع كتب اللغة العربية ذات المناحي المختلفة، ووضع المعجمات الكبرى، تكشف مبلغ الجهد المضني الذي قام به المسلمون، لجمع شتات مفردات اللغة العربية، وضبط معانيها، مقرونة بالشواهد عليها، خدمة لكتاب الله وسنة رسوله. وخدمة لدين الإسلام الذي جعل الله صيغته الأخيرة المصونة ما أنزل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بلسان عربي مبين.

ولا شك أن هذا العمل قد كان من روائع التأسيس الحضاري الذي قام به المسلمون.

وتبدو أهمية هذا العمل لفهم كتاب الله وسنة رسوله حينما ندرك المغزى الذي دلت عليه الروايات التاليات:

١- روى الطبري عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: "الشعر ديوان العرب، فإذا خفي علينا الحرف من القرآن الذي أنزله الله رجعنا إلى الشعر، فالتمسنا معرفة ذلك منه".

وأنه قال: "إذا تعاجم شيء من القرآن فانظروا في الشعر، فإن الشعر عربي".

٢- وأخرج أبو بكر بن الأنباري بسنده عن عمر بن الخطاب أنه قال: "لا يُقرئ القرآن إلا عالم باللغة".

٣- وروي عن ابن سيرين أن "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه قال: "كان الشعر علم القوم، ولم يكن لهم علم أصح منه، فجاء الإسلام فتشاغلت عنه العرب بالجهاد وغزو فارس والروم، ولهت عن الشعر وروايته، فلما كثر الإسلام وجاءت الفتوح، واطمأنت العرب في الأمصار، راجعوا رواية الشعر، فلم يؤولوا إلى ديوان مدون، ولا كتاب مكتوب، وألفوا ذلك وقد هلك من العرب من هلك بالموت والقتل، فحفظوا أقل ذلك، وذهب عنهم كثيرة". ا. هـ.

٤- وذكر السيوطي في الإتقان، أن نافع بن الأزرق، ونجدة بن عويمر، سألا ابن عباس مسائل كثيرة في التفسير، واشترطا عليه أن يؤيد كل كلمة بشاهد من كلام العرب، فكان ابن عباس عند شرطهما.

<<  <   >  >>