الاعتقادية حول الكون والحياة والأنفس قد كانت إسلامية صرفًا، لم يقتبسها المسلمون من أمة سابقة، ولم يكن لدى الأمم السابقة نظيرها باستثناء الأديان الربانية التي أنزلها الله على رسله السابقين، والتي حرفها أتباعها فلم تبق على أصولها الصحيحة.
وسبق أن عرفنا بالبيان التفصيلي، أن العلوم المتصلة باللغة العربية، وبالسلوك الإنساني الإرادي المسئول عنه عند الله، قد كانت علومًا من ثروات المسلمين الحضارية الخاصة بهم والتي كانت من ابتكاراتهم واجتهاداتهم أو استنتاجهم واستخراجهم من مصادر الدين الإسلامي، مع موازين الفكر وأصوله الصحيحة، والملاحظة ودراسة الوقائع بمقاييس الحق والباطل؛ لإحقاق الحق وإبطال الباطل، ودراسة المشتبهات بتريث وأناة قبل الحكم عليها.
أما العلوم الحضارية المادية، وأنواع السلوك المادي النافع للإنسان في معاشه، والتي هي شركة إنسانية عامة، فقد كان المسلمون فيها على أحسن أمثلة التنامي والتكامل الحضاري المتطور مع مرور الزمن، بابتكارات واكتشافات الأفذاذ من ذوي المواهب النادرة، وبالتحسينات المستمرة التي يهدي إليها الرأي والملاحطة والتجربة.
إن الحضارات الإنسانية تخضع لسنة التنامي والتكامل، فما تُنتجه حضارة ما تنقل منه حضارة معاصرة، وما تُنتجه حضارة سابقة تنقل منه حضارة لاحقه. ولا توجد في الدنيا حضارة لأمة تقتصر على مجرد النقل عن غيرها، بل لا بد أن تضيف ما ينتجه أهلها ولا سيما العباقرة والأفذاذ من ابتكاراتهم، ولا بد أن تحذف ما لا يلائم عقيدتها ومفهوماتها في الحياة، وأساليب معيشتها في مناخها الطبيعي.
فادعاء أن المسلمين لم يكن منهم إلا النقل عن حضارات اليونان والرومان والفرس والهنود والصينيين وغيرهم، إدعاء مناف لطبيعة التنامي والتكامل بين الحضارات، ومناف لواقع حال الأمة الإسلامية في تاريخها الحضاري.
ولولا الحضارة الإسلامية التي نقلت وأضافت وحسنت ونمت وحفظت