للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"جيرارد" من قلب مدينته الوفية "كريمونا"١ وإرساله إلى إسبانيا، وقد أوصاه بمهمة جلب "المجسطي"٢ لـ"بطليموس" من مدينة "طليطلة" وكان ذلك في الوقت الذي تغنى به القوم بشهرة "سالرنو" المتفتحة تحت شمس المعرفة العربية.

ولكنه ما إن وصل إلى هذه القلعة السابقة للفكر العربي "أي: فكر المسلمين" ورأى هذه الكنوز الفكرية العظيمة، التي ظهرت للأعين فيها حتى قرر البقاء هناك. وبقي مدة تزيد على العشرين سنة، جمع فيها أكثر من ثمانين مخطوطة بالإضافة إلى كتب "المجسطي" وعاد بها إلى موطنه "كريمونا".

وكانت هذه المخطوطات كنوزًا فكرية بحد ذاتها، وثمرات عظيمات قيمات وسافرات النضج". ا. هـ. شمس العرب "ص٣٠٣".

٦- وجاء فيه أيضًا قولها:

"وتدفق سيل الترجمة تدفقًا متواصلًا لم يكن بوسع أحد أن يمنعه، وانطلق من إسبانيا، وصقلية، وشمالي إيطالية، فمن مدينة "بادوا" جاءت ترجمة "الكليات" لابن رشد، وترجمة كتاب "التيسير" لابن زهر، مرتين على التوالي. ومن "صقلية" جاءت ترجمة "الحاوي" أضخم كتاب للرازي، وقد أمضى اليهودي "ابن سليم" المتعلم في "سالرنو" نصف حياته في ترجمته.

وظلت حركة الترجمة من العربية إلى اللاتينية على أشدها حتى القرن السادس عشر الميلادي، وأضيفت أشياء جديدة لم تكن معروفة، وأعيدت ترجمة كتب أخرى مرة ثانية، ككتاب "القانون" لابن سينا، وكتاب "زاد المسافرين" لابن الجزار، وكتب أخرى للرازي، ولابن رشد.

وبهذا انطلقت حركة فكرية جبارة لم يقدر أي من العلماء في القرون التي تلت إلا أن يتأثر بها". شمس العرب "ص٣٠٣-٣٠٤".


١ كريمونا: مدينة إيطالية.
٢ المجسطي: أقدم كتاب في الفلك، ألفه: "بطليموس".

<<  <   >  >>