وعلى مثل هذه الصور الراقية تمر البيانات التفصيلية في القرآن والسنة، محددة صورة السلوك الأكمل، أخذًا بيد الإنسان إلى قمة الكمال السلوكي المنشود، في أسس الحضارة الإسلامية.
طريق التدريب العلمي:
التدريب العملي طريق من طرق التقويم السلوكي؛ إذ يشكل في الإنسان ذكرًا كان أم أنثى صغيرًا أم كبيرًا عادة متمكنة فيه تدفعه باستمرار إلى ممارسة ما تدرب عليه.
ومن أجل ذلك استخدمه الإسلام في تكوين صور السلوك الكامل الحكيم لدى المسلمين.
ونلاحظ هذا التدريب العملي ظاهرًا فيما أوجده الإسلام داخل المجتمع المسلم من أعمال جماعية في مجالات العبادات الدينية، والعلاقات الاجتماعية والنظم المختلفة السلمية والحربية.
والطابع الجماعي لهذه الأعمال يضع كل فرد ينخرط في سلك هذه البيئة الجماعية للمسلمين ضمن آلة متحركة عامة، تقسر كل فرد فيها على أن يتقبل التدريبات العملية التي تمارسها الجماعة بشكل عام.
ويساعد على ذلك الوازع الديني، الذي يحرك الفرد من داخله للاستجابة للقيام بهذه الأعمال، وبالتكرار ومرور الزمن تصبح هذه التدريبات جزءًا من عادات الفرد المتمكنة فيه، ذات الجذور العميقة في قرارة نفسه.
ولما كان منهج الإسلام الذي حدده الله لسلوك الفرد المسلم، والجماعة المسلمة ملتزمًا جانب الكمال والحكمة الرفيعة في كل أمر، كان تأصيل هذه الصور من السلوك في عادات الإنسان عن طريق التدريب العملي، من أقوم الطرق وأخصرها، لترقية المجتمعات المسلمة في سلم الكمال السلوكي، والحضارة الإنسانية المثلى.