للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإنسان الخير فيستطيع أن ينقذ حياة غصَّان بجرعة خمر، ويستطيع أن ينشر العدل والأمن والسلام بأخطر الأسلحة الفتاكة، وأن يبني الحضارة الإسلامية بأن يحسن استخدام كل وسيلة خلقها الله ووضعها تحت سلطة الإنسان.

إذن فلا بد لفهم المراد من قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} من قرنه بالنصوص الأخرى التي توضح للناس طرق الخير وطرق الشر، والنصوص المبينة لفكرة ابتلاء الإنسان في هذه الحياة.

ومن الأدلة النبوية ما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب الناس فقال:

"لا والله ما أخشى عليكم أيها الناس إلا ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا".

فقال رجل: يا رسول الله أياتي الخير بالشر؟ فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ثم قال: "كيف قلت"؟ قال: قلت يا رسول الله أيأتي الخير بالشر؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الخير لا يأتي إلا بخير، إن الخير لا يأتي إلا بخير، إن الخير لا يأتي إلا بخير، أو خير هو؟ إن كل ما ينبت الربيع يقتل حبطًا ١ أو يلم ٢ إلا آكلة الخضر حتى إذا امتلأت خاصرتاها استقبلت الشمس ثلطت ٣ أو بالت ثم اجترت ٤ فعادت فأكلت، فمن يأخذ مالًا بحقه يبارك له فيه، ومن يأخذ مالًا بغير حقه فمثله كمثل الذي يأكل ولا يشبع" ٥.

فقد أنكر الرسول صلوات الله عليه في هذا الحديث أن يكون ما يخرجه الله للناس من زهرة الحياة الدنيا خيرًا، وأثبت للرجل السائل أن هذه


١ الحبط: أن تأكل الماشية فتكثر حتى تنتفخ لذلك بطونها.
٢ يلم: يقارب.
٣ ثلطت: أي سلحت سلحًا رقيقًا.
٤ اجترت: أي أخذت تمضغ ما تخرجه من بطنها.
٥ انظر شرح هذا الحديث في كتاب "روائع من أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم" للمؤلف.

<<  <   >  >>