للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} .

وفي الوجود أمثلة كثيرة متنوعة معقدة لأنواع الامتحان الرباني للإنسان، وذلك لأن النفس الإنسانية أعقد ما في الوجود، ولكن عدل الله العليم بكل شيء يتناول كل صغيرة وكبيرة، ويشمل الكليات والجزئيات بالقانون الرباني المبين بقول الله عز وجل في سورة "الزلزلة: ٩٩ مصحف/ ٩٣ نزول":

{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} .

وذلك لأن الإنسان قد يفتتن بما يراه ضرًّا وشرًّا، فيتخاذل أو يثبت، وقد يفتتن بما يراه نفعًا وخيرًا فيتخاذل أو يثبت، وفي كل منهما يتم الابتلاء والاختبار، والابتلاء بأي منهما يؤدي إلى الغاية نفسها المبتغاة من امتحان الإنسان.

إلا أن الفتنة بالضراء تغري بالضجر والتذمر، والتطاول على مقام الربوبية، والعناد في رفض الطاعة، لمرارتها على النفس، أما الفتنة بالسراء فتغري بالبطر والجحود، والبغي والطغيان، والتمادي في مخالفة الله، والبعد عن طاعته؛ اغترارًا بحلاوة مذاقها.

وربما كان الابتلاء بالضراء بالنسبة إلى بعض الناس أصلح من الابتلاء بالسراء؛ لأن استعداداتهم للصبر على المصيبة أكثر من استعداداتهم للصبر على ضبط النفس عن التمادي في البغي والإثم، إذا هم انغمسوا في زينة الدنيا، واغتروا بحلاوة إقبالها.

ونجد الإشارة إلى ذلك في قول الله تعالى في سورة "الأعراف: ٧ مصحف/ ٣٩ نزول":

{وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} .

وقوله تعالى في سورة "البقرة: ٢ مصحف/ ٨٧ نزول":

{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} .

وقوله تعالى في سورة "الكهف: ١٨ مصحف/ ٦٩ نزول":

<<  <   >  >>