أليس في هذه الآيات بيان واضح لفكرة الابتلاء الرباني للإنسان بالحسنات وبالسيئات، وبالضراء وبالسراء، وذلك لامتحان درجة صبر الإنسان ودرجة شكره لكل ما يأتيه من قبل الله مهما مر أو حلا؟
ومن أمثلة مصائب الابتلاء التي يتعرض لها أهل الطاعة ليبتلى الله بها صبراهم، فيرفع درجاتهم عنده، ويزيد من حسناتهم، ما تضمنه قول الله تعالى في سورة "التوبة: ٩٠ مصحف/ ١١٣ نزول":
وهكذا تبدو الفلسفة الإسلامية في مجال نعم الدنيا ومصائبها فلسفة مشرفة سامية، شأنها في كل ما عالجته من أمور الكون والإنسان والحياة والوجود كله.
النوع الثاني:"ما كان من النعم والمصائب الربانية للتربية والتأديب".
وفي كثير من النعم والمصائب الربانية نلاحظ آثار الحكمة الإلهية في التربية والتأديب ظاهرة جلية.
فمن الآثار التربوية للنعم الزائدة لدى بعض الناس تربية اليقين بالله في قلوبهم، وتربية خلق الجود والإحسان وحب الخير للناس، وتربية النفس على الطمأنينة والاستقرار والقناعة، في حين أن كثرة النعم لدى آخرين قد تكون وسيلة إفساد لهم، وذلك بحسب استعداداتهم وخصائصهم النفسية.
ومن الآثار التربوية للمصائب تربية النفس على الصبر، وتحمل الشدائد، ومقارعة الخطوب، وإيقاظ القلب من غفلاته التي قد يستغرق فيها مع توالي النعم ومن آثارها إعطاء دروس وعظات في سنن الحياة، وتذكير المؤمن بأن هذه الحياة الدنيا دار ابتلاء، وليست دار استقرار، حتى يتسابق الناس فيها إلى تناول