للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أن عدل الله لا بد أن يتحقق فيمن يصيبهم بالمصائب، وهم دون التكليف، فلا بد أن يعوض الله عليهم من فضله ثوابًا على ما أصيبوا به، سواء في الدنيا أم في الآخرة.

ويشير إلى هذا النوع وهو ما كان من النعم والمصائب للتربية والتأديب نصوص كثيرة في القرآن والسنة، ومنها قول الله تعالى في سورة "التوبة: ٩ مصحف/ ١١٣ نزول".

{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} .

ففي الذي أصاب المسلمين يومئذ تربية عظيمة لهم، حتى لا يكرروا الاغترار بأنفسهم، وإن كثر عددهم وعظمت عدتهم، فالاغترار بالنفس من عوامل الهزيمة بما فيه من التهاون والتواكل.

النوع الثالث: "ما كان من النعم والمصائب الربانية للجزاء بالثواب أو بالعقاب".

ولدى التدبر في حكم الله الجليلة نلاحظ في كثير من النعم والمصائب الربانية أنها من الجزاء الإلهي المعجل في الدنيا.

وللجزاء المعجل في الدنيا أثر ظاهر في حفز همم أهل الطاعة للاستزادة من الخير، وفي تذكير أهل المعصية حتى يتوبوا، وينتهوا عن فعل الشر، وفي كل منهما عناية ربانية جليلة.

فالمعجل من الجزاء بالثواب في الدنيا أنواع كثيرة لا تحصى من الرغائب المادية والمعنوية التي يحبوها الله للمحسنين، منها النصر والتأييد والعز والسؤود، ومنها الشعور بالسعادة وطمأنينة القلب، ومنها اللذة بفيض المعرفة والحكم الربانية التي يلقيها الله في قلوبهم، ومنها البركة في الوقت والمال.

<<  <   >  >>