للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معنى الآيات:

ما زال السياق في الحديث عن نوح وقومه قال تعالى {حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور} أي واصل صنع السفينة حتى إذا جاء أمرنا أي بإهلاك المشركين، وفار١ التنور أي خرج الماء من داخل التنور وفار وتلك علامة بداية الطوفان فاحمل فيها أي في السفينة التي صنعت من كل زوجين٢ اثنين أي من كل نوع من أنواع الحيوانات زوجين أي ذكراً وأنثى. وأهلك أي واحمل أهلك من زوجة وولد كسام وحام ويافث إلا من سبق عليه القول أي بالإهلاك كامرأته واعلة وولده كنعان. ومن آمن٣ أي واحمل من آمن من سائر الناس، {وما آمن معه إلا قليل} أي نحو من ثمانين رجلاً وامرأة هذا ما دلت عليه الآية الأولى (٤٠) أما الثانية فقد أخبر تعالى فيها أن نوحاً قال لجماعة المؤمنين {اركبوا فيها} أي في السفينة {باسم الله مجراها٤ ومرساها} أي باسم الله تجري وباسم الله ترسو أي تقف {إن ربي لغفور رحيم٥} أي فهو لا يهلكنا بما قد يكون لنا من ذنب ويرحمنا فينجينا ويكرمنا. وقوله تعالى في الآية الثالثة (٤٢) {وهي تجري بهم في موج كالجبال} وصف للسفينة وهي تغالب الماء وتمخر عبابه وأمواج الماء ترتفع حتى تكون كالجبال في ارتفاعها وقبلها نادى نوح ابنه كنعان، وهو في هذه الساعة في معزل٦ أي من السفينة حيث رفض الركوب فيها لعقوقه وكفره٧ فقال له {يا بني اركب٨ معنا ولا تكن مع الكافرين} فتغرق كما يغرقون فأجاب الولد قائلاً


١ الفوران: غليان القدر، ويطلق على نبع الماء بشدة تشبيها بفوران ماء في القدر إذا غلى، والتنور: اسم لموقد النار للخبز.
٢ قرأ حفص {من كلٍ} بتنوين كل فالتنوين عوض عن مضاف إليه أي: من كل المخلوقات، و {زوجين} مفعول لـ (احمل) ، واثنين: نعت له وقرأ الجمهور بإضافة كل إلى زوجين، والمراد بالزوجين هنا: الذكر والأنثى من كل نوع من أنواع الحيوانات.
٣ ومن آمن: أي: كل المؤمنين.
٤ جائز أن يكون القائل: {اركبوها} الله جلّ جلاله، وجائز أن يكون نوحاً عليه السلام والركوب: العلو على ظهر شيء، وقال: فيها، ولم يقل عليها لأنها ظرفٌ لهم يدخلون فيها.
٥ قرأ الجمهور بضم الميم في كل من مجراها، ومرساها، وهما مصدران من: أجرى وأرسى، وقرأ عاصم بفتح ميم مجراها، وضم ميم مرساها كالجمهور، ولم يفتح ميم مرساها لاشتباهه. حينئذ المرسى مكان الرسو، وقرىء مجريها، ومرسيها باسم الفاعل أي: بسم الله مجريها ومرسيها.
٦ روي أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا في الفلك بسم الله الرحمن الرحيم" {وما قدروا الله حق قدره، والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عمّا يشركون. {بسم الله مجراها ومرساها إن ربى لغفور رحيم} .
٧ وقيل: في معزل أي: من دين أبيه.
٨ قرأ حفص: {يا بنيَّ} بفتح الياء المشددة وكسرها غير عاصم.

<<  <  ج: ص:  >  >>