للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كانت لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ففرح بها وهي مغفرة الذنب السابق واللاحق، الفتح للبلاد، الهداية إلى أقوم طريق يفضي إلى سعادة الدارين، والنصر المؤزر العزيز، فلذا قال أنزلت علً آية هي أحب إلي من الدنيا جميعا. وقوله تعالى {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي١ قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ} أي هو الله المنعم عليك بما ذكر لك الذي أنزل السكينة أي الطمأنينة على قلوب المؤمنين من أصحابك وكان عددهم ألفا وأربعمائة صاحب أنزل السكينة عليهم بعد اضطراب شديد أصاب نفوسهم دل عليه قول عمر رضي الله عنه للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألست نبي الله حقا؟ قال: بلى، قلت ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قلت فلما نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ قال إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري. قلت أولست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال فأتيت أبا بكر فقلت يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقا؟ قال بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال بلى، قلت: فلما الدنية في ديننا؟ قال أيها الرجل إنه رسول الله وليس يعصي ربه وهو ناصره فاستمسك بغرزه أي سر على نهجه ولا تخالفه. فوالله إنه لعلى الحق، قلت أليس كان يحدثنا أنه سيأتي البيت ويطوف به؟ قال بلى. قال فهل أخبرك أنه العام؟ قلت: لا قال فإنك تأتيه وتطوف به. وقوله {لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ} أي بشرائع الإسلام كلما نزل حكم آمنوا به وعملوا به ومن ذلك الجهاد وبذلك يكون إيمانهم في ازدياد. وقوله تعالى ولله جنود٢ السموات والأرض أي ملائكة السماء وملائكة الأرض وكل ذي شوكة وقوة من الكائنات هو لله كغيره ويسخره كما شاء ومتى شاء فقد يسلط جيشاً كافراً على جيش كافر نصرة للجيش مؤمن والمراد من هذا أنه تعالى قادر على نصرة نبيه ودينه بغيركم أيها المؤمنون وكان الله وما زال أزلا وأبدا عليما بخلقه حكيما في تدبير أمور خلقه. وقوله تعالى {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ٣ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ} أي الإدخال للجنة وتكفير السيئات فوزاً عظيما أي فتح على رسوله والمؤمنين ليشكروا بالطاعة والجهاد والصبر أي تم كل ذلك ليدخل المؤمنين والمؤمنات الآية. وقوله {وَيُعَذِّبَ٤ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ


(السكينة) السكون والطمأنينة، قال ابن عباس: كل سكينة في القرآن فهي بمعنى الطمأنينة إلا في البقرة. يريد قوله تعالى: {فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُم} .
٢ هذه الجملة تزييلية مذيل بها الكلام السابق، والجنود: جمع جند، والجند: اسم للجماعة المقاتلين لا واحد له من لفظه وجمع باعتبار الجماعات التي يتكون منها وهي المقدمة والميمنة والميسرة والقلب والساقا.
٣ اللام: لام التعليل متعلقه بفعل، {ليَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ} وذكر المؤمنات مع المؤمنين هنا لدفع ما يتوهم أن هذا الوعد خاص بالمؤمنين دون المؤمنات في حين أن موقف أم المؤمنين أم سلمة كان عظيماً وذكر المؤمنات مع المؤمنين هنا لدفع ما يتوهم أن هذا الوعد خاص بالمؤمنين دون المؤمنات في حين أن موقف أم المؤمنين أم سلمة كان عظيماً إذ استشارها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين أبى أصحابه أن يتحللوا فأشارت عليه بما جعلهم يتحللون.
٤ هذا معطوف على قوله تعالى: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ} وهذ التعذيب المذكور في الآية تعذيب خاص زائداً على عذاب الكفر والنفاق وفي قوله: {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} إشارة إلى ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>