للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأعانه وأظهر له الحب والود. وقوله تعالى {تَرَاهُمْ} أي تبصرهم أيها المخاطب {رُكَّعاً سُجَّداً١} أي راكعين ساجدين في صلواتهم {يَبْتَغُونَ} أي يطلبون بصلاتهم بعد إيمانهم وتعاونهم وتحاببهم وتعاطفهم مع بعضهم، يطلبون بذلك {فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَاناً} أي الجنة ورضا الله. وهذا أسمى ما يطلب المؤمن أن يدخله الله الجنة بعد أن ينقذه من النار ويرضى عنه. وقوله {سِيمَاهُمْ٢ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} أي علامات إيمانهم وصفائهم في وجوههم من أثر السجود إذ يبعثون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء {نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} وفي الدنيا عليهم سيما التقوى والصلاح والتواضع واللين والرحمة. وقوله تعالى {ذَلِكَ} أي المذكور {مَثَلُهُمْ فِي٣ التَّوْرَاةِ} {مَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ٤ شَطْأَهُ} أي فراخه {فَآزَرَهُ} أي قواه وأعانه {فَاسْتَغْلَظَ} أي غلظ {فَاسْتَوَى} أي قوي {عَلَى سُوقِه} جمع ساق ما يحمل السنبلة من أصل لها {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ} أي الزراعين له وذلك لحسنه وسلامة ثمرته وقوله تعالى {ليَغِيظَ بِهِمُ٥ الْكُفَّار} أي قواهم وكثرهم من أجل أن يغيظ بهم الكفار ولذا ورد عن مالك بن أنس رحمه الله تعالى أن من يغيظه أصحاب رسول الله فهو كافر وقوله {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً} أي لذنوبهم {وَأَجْراً عَظِيماً} هو الجنة. هذا وعد خاص بأصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رضوان الله عليهم وهناك وعد عام لسائر المؤمنين والمؤمنات وذلك في آيات أخرى مثل آية المائدة {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} .

هداية الآية الكريمة:

من هداية الآية الكريمة:

١- تقرير نبوة رسول الله وتأكيد رسالته.

٢- بيان ما كان عليه رسول الله وأصحابه من الشدة والغلظة على الكفار والعطف والرحمة على أهل الإيمان وهذا مما يجب الأتساء بهم فيه والاقتداء.

٣- بيان فضل الصلاة ذات الركوع والسجود والطمأنينة والخشوع.


١ إخبار بكثرة ركوعهم وسجودهم وهو كذلك، إذ لم تر الدنيا أكثر من المسلمين ركوعاً وسجودا من سائر الأمم التي دانت لله بالإسلام.
٢ السيما: (العلامة ولها ثلاثة مظاهر، الأول: هو يبوسة في الجبهة ولا يتعمدونها ولكنها تحدث من كثرة السجود على الأرض، والثاني: الأثر النفسي من التواضع والخشوع ونور الصلاح. والثالث: نور يوم القيامة يعلو وجوههم ويشهد له قوله تعالى {نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} الآية.
٣ موجود في التوراة قبل تحريفها إذ فيها نعوت هذه الأمة ونعوت نبيها محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي إلى الآن واليهود يتأولونها هروباً من الحق حتى لا يلزموا به.
٤ فراخ الزرع فروع الحبة منه.
٥ الجملة تعليلية لما سبقها من صفات أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أي: وهبهم ذلك الكمال ليغيظ بهم الكفار.

<<  <  ج: ص:  >  >>