للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلولا تشكرون: أي فهلا تشكرون أي الله بالإيمان والطاعة.

أفرأيتم النار التي تورون: أي أخبرونا عن النار التي تخرجون من الشجر.

أأنتم أنشأتم شجرتها: أي خلقتم شجرتها كالمرخ والعفار والكلخ.

أم نحن المنشئون: أي نحن المنشئون لتلك الأشجار.

نحن جعلناها تذكرة: أي جعلنا تلك النار تذكرة أي تذكر بنار جهنم.

ومتاعاً للمقوين١: أي بلغةً للمسافرين يتبلغون بها في سفرهم.

فسبح باسم ربك العظيم: أي نزه اسم ربك عما لا يليق به كذكره بغير احترام ولا تعظيم أو الاسم صلة والتقدير نزه ربك عن الشريك ومن ذلك قولك سبحان ربي العظيم.

معنى الآيات:

السياق هنا في تقرير عقيدة البعث والجزاء التي أنكرها المشركون وذلك بذكر الأدلة العقلية الموجبة للعلم واليقين في المعلوم المطلوب تحصيله قال تعالى {نَحْنُ٢ خَلَقْنَاكُمْ} وأنتم معترفون بذلك إذ لما نسألكم من خلقكم تقولون الله. إذاً {فَلَوْلا ٣تُصَدِّقُونَ} أي فهلا تصدقون بالبعث والحياة الثانية إذ القادر على الخلق الأول قادر على الإعادة. وهذه أدلة قدرتنا تأملوها أولاً {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ} أي أخبرونا عما تمنون أي تصبونه في أرحام نسائكم بالجماع {أَأَنْتُمْ٤ تَخْلُقُونَهُ} ولداً {أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} والجواب نحن الخالقون إذاً القادر على خلقكم بواسطة هذا الإمناء والتكوين في الأرحام قادر على خلقكم بطريق آخر وثانيا {نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ} وقضينا به عليكم فلا يستطيع أحد منكم أن يمنعنا من إماتته وفي الوقت المحدد له. بحيث لو طلب التقديم أو التأخير لما قدر على ذلك أليس القادر على خلقكم وإماتتكم قادر على بعثكم


١ المقوى: من نزل القوى والقواء والقي أيضاً: أي الأرض القفر التي لا شيء فيها ولا أنيس بها يقال: أقوت الدار وقويت أيضاً أي: خلت من سكانها، قال النابغة:
يا دار مية بالعلياء فالسند
أقوت وطال عليها سالف الأمد
وقال عنترة:
حييت من طلل تقادم عهده
أقوى وأقفر بعد أم الهيثم٢
موقع هذه الجملة: الاستدلال والتعليل لما تضمنه جملة {قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} من عقيدة البعث والجزاء وتقريرها.
٣ الفاء للتفريع فالجملة متفرعة عن قوله تعالى {نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ} وهي متضمنة للتحضيض على التصديق بالبعث الآخر إذ لولا هنا للتحضيض على ذلك.
٤ الاستفهام للتقرير بتعيين خالق الجنين من النطفة إذ لا يسعهم إلا الإقرار بأن خالق الجنين من نطفة هو الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>