للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتقسطوا إليهم: أي تعدلوا فيهم فتنصفوهم.

إن الله يحب المقسطين: أي المنصفين العادلين في أحكامهم ومن ولوا.

وظاهروا على إخراجكم: أي عاونوا وناصروا العدو على إخراجكم من دياركم.

أن تولوهم: أي تتولوهم بالنصرة والمحبة.

فأولئك هم الظالمون: لأنهم وضعوا الولاية في غير موضعها، والظلم هو وضع الشيء في غير موضعه.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في بيان حكم الموالاة للكافرين فإنه لما حرم تعالى ذلك، وكان للمؤمنين قرابات كافرة وبحكم إيمانهم واستجابتهم لنداء ربهم قطعوهم فبشرهم تعالى في هذه الآية الكريمة بأنه عز وجل قادر على أن يجعل بينهم وبين أقربائهم مودة فقال عز من قائل {عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ} أي من المشركين {مَوَدَّةً} ١. وذلك بأن يوفقهم للإسلام، وهو على ذلك قدير وقد فعل وله الحمد والمنة فقد فتح على رسوله مكة وبذلك آمن أهلها إلا قليلاً فكانت المودة وكان الولاء والإيخاء مصداقاً لقوله عز وجل عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم فقد تاب عليهم بعد أن هداهم وغفر لهم ما كان منهم من ذنوب ورحمهم.

وقوله تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ٢ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ} بمضايقتكم أن تبروهم أي بالإحسان إليهم بطعام٣ كسوة أو ركاب وتقسطوا أي تعدلوا فيهم بأن تنصفوهم وهذا عام في كل الظروف الزمانية والمكانية وفي كل الكفار. ولكن بالشروط التي ذكر تعالى. وهي:

أولا: أنهم لم يقاتلونا من أجل ديننا.


١ هذا بعد أن يسلم الكافرون ويوحد المشركون وفعلاً فقد أسلم قوم منهم بعد فتح مكة ووالاهم المسلمون كأبي سفيان بن حرب والحارث بن هشام وسهيل بن عمرو وحكيم بن حزام ومن مظاهر هذه المودة تزوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأم حبيبة بنت أبي سفيان وبذلك لانت عريكة أبي سفيان واسترخت شكيمته في العداوة حتى إنه لما بلغه تزوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بها قال: ذلك الفحل لا يقدح أنفه أي: لا يضرب أنفه، وهي كلمة مدح.
٢ اختلف في هل هذه الآية محكمة أو منسوخة بقتال المشركين؟ والذي عليه أكثر أهل العلم سلفاً وخلفاً أنها محكمة بما ذكر فيها من شروط وأن العمل بها باق ببقاء الإسلام كما هو في التفسير.
٣ روى البخاري ومسلم وأبو داود أن قتيلة أم أسماء بنت أبي بكر الصديق قدمت عليها أمها في فترة الهدنة بين الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمشركين وأهدتها قرطاً وأشياء فكرهت أن تقبل ذلك فأتت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكرت له ذلك فأذن لها في قبول هدية أمها واستأذنته في صلتها؟ فقال لها صلي أمك.

<<  <  ج: ص:  >  >>