للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{مَا لا يُبْدُونَ لَكَ} : أي: ما لا يظهرون لك.

{لَبَرَزَ الَّذِينَ} : لخرجوا من المدينة ظاهرين ليلقوا مصارعهم هناك.

{كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ} : يريد كتب في كتاب المقادير، أي: اللوح المحفوظ.

{مَضَاجِعِهِمْ} : جمع مضجع، وهو مكان النوم، والاضطجاع والمراد المكان الذي صرعوا في قتلى.

{وَلِيَبْتَلِيَ١} : ليختبر.

{وَلِيُمَحِّصَ} : التمحيص: التمييز وهو إظهار شيء من شيء كإظهار الإيمان من النفاق، والحب من الكره.

{اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ} : أوقعهم في الزلل وهو الخطيئة والتي كانت الفرار من الجهاد.

معنى الآيتين:

ما زال الساق في الحديث عن غزوة أحد فأخبر تعالى في الآية الأولى (١٥٣) عن أمور عظام: الأول: أنه تعالى بعد الغم الذي أصاب به المؤمنين أنزل على أهل اليقين خاصة أمناً كاملاً فذهب الخوف عنهم حتى أن أحدهم٢ لينام والسيف في يده فيسقط من يده ثم يتناوله، قال تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاساً يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ} ، والثاني: أن أهل الشرك والنفاق حرمهم الله تعالى من تلك الأمنة فما زال الخوف يقطع قلوبهم، والغم يسيطر على أنفسهم وهم لا يفكرون إلا في أنفسهم كيف ينجون من الموت، وهم المعنيون بقوله تعالى: {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ٣ أَنْفُسُهُمْ} ، والثالث: أن الله تعالى قد كشف عن سرائرهم، فقال: {يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} ، والمراد من ظنهم بالله غير الحق ظن المشركين أنهم يعتقدون أن الإسلام باطل وأن محمداً ليس رسولاً، وأن المؤمنين سيهزمون ويموتون وينتهي الإسلام ومن يدعو إليه. والرابع: أن الله تعالى قد كشف سرهم فقال عنهم: {يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ٤ شَيْءٍ} هذا القول قالوه سراً فيما بينهم، ومعناه ليس لنا من الأمر من شيء


١ أي: لا يعاملهم معاملة المختبر لهم وليصبح ما كان غيباً لله مشاهدة لهم.
٢ قال أبو طلحة والزبير وأنس: غشينا النعاس حتى إن السيف ليسقط من يد أحدنا فيتناوله من الأرض.
٣ حدثتهم أنفسهم بما يدخل الهم عليهم، وهو تكذيبهم بالقدر والحرص على نجاتهم وحزنهم على ما فاتهم من الغنيمة، وهذه كلها موجبات الهم والغم.
٤ هذه الجملة بدل اشتمال من جملة: {يظنون بالله غير الحق} . لأن ظنهم مشتمل على قولهم: {هَلْ لَنا من الأَمر مِنْ شَيئْ} أي: ليس لنا من الأمر من شيء. وهذا القول قاله: ابن أبي بما سمع باستشهاد من استشهد من الخزرج.

<<  <  ج: ص:  >  >>