للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{كِفْلٌ مِنْهَا} : نصيب منها.

{مُقِيتاً١} : مقتدراً عليه وشاهداً عليه حافظاً له.

{بِتَحِيَّةٍ} : تحية الإسلام، هي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

{أَوْ رُدُّوهَا} : أي: يقول: وعليكم السلام.

{حَسِيباً} : محاسباً على العمل مجازياً به خيراً كان أو شراً.

معنى الآيات:

ما زال السياق في السياسة الحربية، ففي هذه الآية: {فَقَاتِلْ٢ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ} يأمر تعالى رسوله محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقاتل المشركين لأجل إعلاء كلمة الله تعالى بأن يعبد وحده وينتهي اضطهاد المشركين للمؤمنين وهو المراد من قوله {فِي سَبِيلِ اللهِ} وقوله: {لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ٣} أي: لا يكلفك ربك إلا نفسك وحدها، أما من عداك فليس عليك تكليفه، ولكن حرض المؤمنين على القتال معك فحثهم على ذلك ورغبهم فيه. وقوله: {عَسَى اللهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا} ، وهذا وعد من عند الله تعالى بأن يكف بأس الذين كفروا فيسلط عليهم رسوله والمؤمنين فيبددوا قوتهم ويهزموهم فلا يبقى لهم بأس ولا قوة وقد فعل٤، وله الحمد والمنة، وهو تعالى {أَشَدُّ بَأْساً} م كل ذي بأس {وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً} من غيره بالظالمين من أعدائه.

هذا ما دلت عليه الآية (٨٤) ، أما الآية (٨٥) وهي قوله تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً} فهو إخبار منه تعالى بأن من يشفع شفاعة حسنة بأن يضم صوته مع مطالب بحق أو يضم نفسه إلى سرية تقاتل في سبيل الله، أو يتوسط لأحد في قضاء حاجته فإن للشافع


١ شاهده قول الزبير بن عبد الملطب:
وذي صغن كففت النفس عنه ... وكنت على مساءته مقيتاً
أي: مقتدراً
٢ هذه الفاء هي الفصيحة، والتقدير: إذا كان الأمر كما علمت من وجود المثبطين والخائفين والمرجوفين فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك.
٣ في الآية دليل على شجاعة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخارقة للعادة، إذ كلفه الله به على انفراد وأمره بتحريض المؤمنين على القتال، ومعنى هذا: أنه أمره بالجهاد ولو كان وحده، ولذا قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "والله لأقاتلهنم حتى تنفرد سالفتي"، أي: حتى أموت. وتحريض المؤمنين هو أمرهم بالقتال وحثهم عليه لا على سبيل الإلزام، كما ألزم به هو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
٤ فلم يقبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى دانت الجزيرة كلها بالإسلام، ولم يمض أكثر من ربع قرن حتى دخلت دولتا: الفرس والروم في الإسلام؛ لأن "عسى" من الله تعالى تفيد وجوب الوقوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>