للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكان يحمله على عاتقه ويمشي به حتى عفن، وعندئذ بعث الله غراباً يبحث في الأرض، أي: ينبش الأرض برجليه ومنقاره وينشر التراب على ميت معه حتى واراه: أي بعث الله الغراب ليريه كيف يواري، أي: يستر سوءة أخيه، أي جيفته، فلما رأى قابيل ما صنع الغراب بأخيه الغراب الميت قال متندما ًمتحسراً يا ويلنا، أي: يا ويلتي احضري فهذا أوان حضورك، ثم وبخ نفسه قائلاً: {أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي} ، كما وارى الغراب سوءة أخيه، وأصبح من النادمين على حمله أو على قتله وعدم دفنه وبمجرد الندم لا يكون توبة مع أن توبة القاتل عمداً لا تنجيه من النار.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

١- مشروعية التقرب إلى الله تعالى بما يجب أن يتقرب به إليه تعالى.

٢- عظم جريمة الحسد وما يترتب عليها من الآثار السيئة.

٣- قبول الأعمال الصالحة يتوقف على الإخلاص فيها لله تعالى.

٤- بيان أول من سن جريمة القتل، وهو قابيل، ولذا ورد: ما من نفس تقتل نفساً ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل "نصيب" ذلك بأنه أول من سن القتل.

٥- مشروعية الدفن١ وبيان زمنه.

٦- خير ابنى آدم المقتول ظلماً، وشرهما القاتل ظلماً٢.

{مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ


١ يستحب توسعة القبر لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "احفروا وأوسعوا وأحسنوا اللحد". واللحد أفضل من الشق لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللحد لنا والشق لغيرنا". ويستحب لمن يضع الميت في قبره أن يقول: بسم الله وعلى ملة رسول الله، ولمن حضر الدفن أن يحثو على القبر من قبل رأسه ثلاثًا.
٢ وإن قيل ما تصنع بحديث الصحيح: "إذ التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار". قلت هذا الحديث فيمن يقاتل في غير حق استوجب القتل والقتال. أما من ظلم فدافع عن نفسه فقتل فهو شهيد بنص الحديث الصحيح. وكذا من بغى على المسلمين فقتاله واجب، ومن قاتله فهو مجاهد ومن قتل فهو شهيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>