للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بذلك عابديهم وعبادة غير الله تعالى شرك.

معنى الآيات:

مما أوحى به شياطين الجن إلى إخوانهم من شياطين الإنس أن قالوا للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمؤمنين: كيف تأكلون ما تقتلونه أنتم وتمتنعون عن أكل ما يقتله الله؟ فأنزل الله تعالى قوله {فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين١} . فأمر المؤمنين بعدم الاستجابة لما يقوله المشركون، وقال {وما لكم٢ ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه} أي: أي شيء يمنعكم من الأكل مما ذكر اسم الله عليه؟ {وقد فصل٣ لكم} أي بين لكم غاية التبيين {ما حرم عليكم} من المطاعم {إلا ما اضطررتم إليه} أي ألجأتكم الضرورة إليه كمن خاف على نفسه الهلاك من شدة الجوع فإنه يأكل مما حرم في حال الإختيار. ثم أعلمهم أن كثيراً من الناس يضلون غيرهم بأهوائهم٤ بغير علم فيحلون ويحرمون بدون علم وهم في ذلك ظلمة معتدون لأن التحريم والتحليل من حق الرب تعالى لا من حق أي أحد من الناس وتوعدهم بما دل عليه قوله: {إن ربك هو أعلم بالمعتدين} ولازمه أنه سيجازيهم باعتدائهم وظلمهم بما يستحقون من العذاب على اعتدائهم على حق الله تعالى في التشريع بالتحليل والتحريم. وقوله تعالى في الآية الثالثة: (١٢٠) {وذروا ظاهر الإثم وباطنه} يأمر تعالى عباده بترك ظاهر الإثم كالزنى العلني وسائر المعاصي، وباطن الإثم كالزنى السري وسائر الذنوب الخفية وهو شامل لأعمال القلوب وهي باطنة وأعمال الجوارح وهي ظاهرة، لأن الإثم كل ضار فاسد قبيح كالشرك، والزنى وغيرهما من سائر المحرمات.

ثم توعد الذين لا يمتثلون أمره تعالى بترك ظاهر الإثم وباطنه بقوله. {إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون} أي سيجزيهم يوم القيامة بما اكتسبه من الذنوب والآثام ولا ينجو إلا من تاب منهم وصحت توبته وفي الآية الأخيرة في هذا السياق (١٢١) يقول تعالى ناهياً عباده عن الأكل مما لم يذكر اسم الله تعالى عليه من ذبائح المشركين


١ هذه الآية نص في مشروعية التسمية عند الذبح وعند الأكل والشرب.
٢ أي ما المانع لكم من أكل ما سميتم عليه ربكم وإن قتلتموه بأيديكم؟
٣ بين تعالى ذلك في آخر سورة النحل المكية وأمّا البيان التام فهو في سورة المائدة المتأخرة في النزول عن النحل والأنعام معاً.
٤ إذ قال المشركون للرسول والمؤمنين ما ذبح الله بسكينه خير مما ذبحتم أنتم بسكاكينكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>