للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكُسرت رَبَاعيته (١) اليمنى السُّفلى بحَجَرٍ، وهُشِمَت البيضة (٢) على رأسه المقدَّس، وقُتل مصعب بن عمير رضي الله عنه بين يديه، ونشبت حلقتان من حِلَق المغْفر (٣) في وجهه صلى الله عليه وسلم، فانتزعهما أبو عُبيدة بن الجرَّاح رضي الله عنه، وعضَّ عليهما حتى سقطت ثنيّتاه، وترَّسَ أبو دُجانة سِمَاك بن خَرَشَة عليه صلى الله عليه وسلم بظهره، والنبلُ يقعُ فيه، وهو لا يتحرك رضي الله عنه، ورمى سعدُ بنُ أبي وقاص رضي الله عنه يومئذٍ رمياً مسَّدداً مُنْكئاً، فقال له رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «ارم فداكَ أَبي وأُمي»، وأُصيبت يومئذ عينُ قتادة بن النعمان الظفريّ، فأتى رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فردَّها عليه الصلاة والسلام بيده الكريمة، فكانت أصحَّ عينيه وأحسنَهما.

وصرخَ الشيطانُ ــ لعنه الله ــ بأعلى صوته: إن محمداً قد قُتل، ووقعَ ذلك في قلوبِ كثير من المسلمينَ، وتولَّى أكثرُهم، وكان أمر الله».

الكلام عليه من وجوه:

١ ــ ما ذكره المصنف هنا هو بعضٌ مما قدمه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من تضحيات عظيمة وبطولات خالدة في المعركة، وثمة مواقف أخرى تركناها اختصاراً.

٢ ــ وجرحُ وجه النبي صلى الله عليه وسلم، وكسرُ رباعيته، وهشْمُ البيضة فوق رأسه الشريف، كلُّه مخرج في الصحيحين (٤). والمراد بكسر ثنيته: ذهاب قطعة منها،


(١) الرباعية: السنّ بين الثنية والناب، وهما اثنان في الأعلى، واثنان في الأسفل.
(٢) البيضة: الخوذة التي يلبسها الفارس على رأسه.
(٣) حلقات تنسج من الدروع على قدر الرَّأْس تلبس تَحت القلنسوة.
(٤) صحيح البخاري «٢٩١١»، صحيح مسلم «١٧٩٠».

<<  <   >  >>