للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد كان رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك صعد على المنبرِ فخطبَ المسلمين واستعذرَ من عبدِ الله بنِ أُبيّ وأصحابِه، فقال: «مَنْ يعذرني من رجلٍ بلغني أذاهُ في أهلي؟ والله ما علمتُ على أهلي إلَّا خيراً، وذكروا رجلاً ما علمتُ عليه إلَّا خيراً، وما يدخلُ على أهلي إلَّا معي»».

الكلام عليه من وجوه:

١ ــ الإفك كما قال غير واحد: أسوأ الكذب وأقبحه، وهو البهتان، مأخوذ من أفك الشيء إذا قلبه عن وجهه (١).

٢ ــ وحادثة الإفك مخرجة في الصحيحين بلفظ مطول (٢)، وسياق المصنف مختصر أورده بالمعنى.

٣ ــ وقد اشتملت هذه الحادثة على كثير من الأحكام والحِكَم والفوائد، منها: فضل السيدة عائشة رضي الله عنها وتكذيب من قذفها في عفافها وشرفها.

٤ ــ ومنها: فضل الصحابة الذين صانوا أنفسهم وألسنتهم عن الخوض في أعراض الناس والافتراء عليهم، وقالوا كما حكى القرآن الكريم عنهم: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ} [النور: ١٢].

٥ ــ ومنها: أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وبرغم فضلهم ومكانتهم العظيمة قد تقع من بعضهم بعض الذنوب والآثام، لأنهم في منظور أهل السنة ليسوا بمعصومين (٣)،


(١) تحفة الأريب لأبي حيان ص ٤٦، اللامع الصبيح للبرماوي ١١/ ١٩٨.
(٢) صحيح البخاري «٤١٤١»، صحيح مسلم «٢٧٧٠».
(٣) حيث جلد النبي صلى الله عليه وسلم بعضهم بسبب القذف في هذه الحادثة، كما في مجمع الزوائد «١٥٢٩٦» بإسناد حسن.

<<  <   >  >>