للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقال له بَحِيرا، وكان عنده عِلْمٌ بالكتب السماوية، وقد علم منها قرب مبعث نبيّ، فكان يتحرّى خروجه.

فلما وصلت قافلة أبي طالب قرية بُصرى جذب انتباه الراهبَ غمامةٌ كانت تظلل شخصاً في القافلة، والشجر يميل عليه بفيئه، فدعاهم إلى طعام، وهناك تعرّف الراهب على النبي صلى الله عليه وسلم من خلال صفاته وأحواله وخاتم النبوة الذي كان بين كتفيه.

وقد ورد عند ابن إسحاق (١): أن بحيرا سأل أبا طالب: ما هذا الغلام منك؟ قال: ابني.

قال له بحيرا: ما هو بابنك، وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حياً.

قال: فإنه ابن أخي. قال: فما فعل أبوه؟ قال: مات وأمه حبلى به.

قال: صدقت، فارجع بابن أخيك إلى بلده، واحذر عليه يهود، فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفتُ ليبغنَّه شراً، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم، فأسرع به إلى بلاده.

٣ ــ وقد استغل هذه الحادثة بعض المستشرقين والمبشرين للطعن في النبي صلى الله عليه وسلم، فزعموا أنه عندما التقى مع الراهب بَحيرا تعلَّم منه مبادئ الدين، وأمدَّه الراهبُ بكثير من علوم أهل الكتاب، مما كان له بالغ الأثر في ادعائه النبوة بعد ذلك!!

بل زعم بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم تلقى القرآن كله من الراهب بحيرا!!

وكل هذا محض كذب وافتراء وخيال، لأن قصة التعليم والتلقي المزعوم ليس في الروايات ما يدل عليها؟!


(١) سيرة ابن هشام ١/ ١٨٢.

<<  <   >  >>