للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكعبةَ في سنةِ خمسٍ وثلاثين من عمرِه فوصلوا إلى موضِعِ الحَجَر الأسودِ اشتجروا فيمن يَضَع الحَجَر موضعه، فقالت كلُّ قبيلة: نحن نَضَعه، ثم اتَّفقُوا على أن يَضَعَه أولُّ داخلٍ عليهم، فكان رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: جاء الأَمينُ، فَرضُوا به، فأَمَر بثوبٍ، فوَضَع الحَجَر في وسَطَه، وأَمرَ كلّ قبيلةٍ أن تَرفَع بجانبٍ مِنْ جَوانب الثوبِ، ثم أخذ الحَجَر فوَضَعَه موضِعَه صلى الله عليه وسلم».

الكلام عليه من وجوه:

١ ــ صيانة الله عز وجل لنبيّه وحفظه له منذ صغره مما تواترت به النصوص، فلم يُعرف عنه شيء صلى الله عليه وسلم من انحرافات أهل، سواء في العقيدة أو السلوك. ولم يُعرف عنه صلى الله عليه وسلم أنه مسَّ صنماً أو شرب خمراً، وكان يأبى مشاركة قريش في أعيادهم وشعائرهم الوثنية (١).

٢ ــ ومن شواهد حفظ الله له في أيام شبابه أنه صلى الله عليه وسلم: أراد مرّة حين كان شاباً أن يسمُر كما يسمُر فتيان مكة، فقال لغلام كان يرعى الغنم معه: لو أبصرتَ لي غنمي حتى أدخل مكة وأسمُر بها كما يسمُر الفتيان! فخرج حتى إذا كان عند أول دار سمع عزفاً، فقال: ما هذا؟ فقالوا: تزوج فلان بفلانة، فجلس يستمع، فضرب الله على أذنيه، فنام، فما أيقظه إلا حرّ الشمس، ثم إنه حاول مرة أخرى فأصابه مثل ما أصابه في المرة الأولى، فما عاد إلى ذلك بعدها (٢).


(١) عيون الأثر ١/ ٥٦.
(٢) رواه ابن إسحاق في سيرته ص ٧٩، ومن طريقه الحاكم في المستدرك ٤/ ٢٣٧، وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وقال الحافظ ابن حجر: "إسناده حسن متصل" كما نقله عنه الصالحي في سبل الهدى والرشاد ٢/ ١٤٨.

<<  <   >  >>