للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"هدى" فأي معصية هذه التي تجلب ذلك كله؟ وهل هي معصية بالمعنى العام؟ لو كانت كذلك لدخل آدم تحت مثل قوله تعالى: {وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ} (١).

٢ - وإبراهيم الخليل عليه السلام: أخذوا عليه قوله في الكوكب وفي القمر وفي الشمس "هذا ربي" متوهمين أن هذا لا يليق بمقام إبراهيم، حتى ولو كان المراد منه التدرج مع قومه في إثبات وجود الله تعالى ووحدانيته بطريقة تربوية منطقية ... وهذا وهم منهم وجهل بالقرآن نفسه فإن الله تعالى اعتمد هذه الطريقة في كتابه القويم وزكاها. وبين أنها مما أنعم به على إبراهيم حتى صار واسع الأفق ثابت اليقين قوي الحجة مرفوع الدرجة عند ربه.

فقبل آيات المناقشة قال تعالى في مدح إبراهيم بسعة العلم وقوة اليقين: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} (٢).

وفي نهاية مجادلة إبراهيم قومه وانتصاره عليهم قال الله تعالى في شأنه: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} (٣).

فهل يجد متوهم مجالا بعد ذلك لوهمه وغروره وتشككه؟! - إن إبراهيم دعا إل ربه بطريقة معينة، وربه زكى طريقته وبين أنها توفيق من الله له فمن الذي يرى لنفسه بعد ذلك وجها يلقى به الله وهو يعترض على إبراهيم وفي الحقيقة إنه يعترض على الله لا على إبراهيم!!! فتعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.


(١) النساء: ١٤.
(٢) الأنعام: ٧٥.
(٣) الأنعام: ٨٣.

<<  <   >  >>