للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنهم يعبدون بقوة الرب الذي رباهم وقربهم وأحبهم. وأعطاهم مقاليد البشر.

. إنهم يخشون التقصير في حق الله وهو مالك أمرهم. وإليه مرجعهم.

. إنهم يبكون على أنفسهم لعجزها عن عبادته تعالى عبادة تليق بجلاله وكماله.

ولا أحد من البشر يستطيع أن يبلغ بعبادته هذا المستوى.

وهم مع ربهم في هذا المقام يشعرون برحمته بهم وعطفه الكبير عليهم وزيادة تكريمه لهم، فبناء على ما بينهم وبين الله تعالى من قرب وود، يصف الله عجزهم بأنه معصية، وقصورهم بأنه ذنب ويشتد عليهم- فيما يبدو للناس- في العتاب ولكنه بأسلوب يفيض حنانا وعطفا ورحمة وعفوا.

لذلك لا تستطيع أن تجد في القرآن الكريم نوعا من العتاب إلا وتجد معه ما يقابله من الرحمة والتكريم والرفعة لمكانة المرسلين الذين عاتبهم الله تعالى وإليك أمثلة لذلك تضيء لك جوانب الموضوع:

١ - فآدم عليه السلام قال الله في شأنه: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} (١).

هذا هو الخبر والعتاب. ثم قال تعالى بعد ذلك مباشرة: {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} (٢).

ففي الآية الأولى كلمتا عتاب هما: "عصى وغوى" وفي الآية الثانية كلمات تكريم وتقريب وتلطف جميل ... كلمات وليس كلمتين- "فعصى" قابلتها كلمة "اجتباه" أي قربه "وآدم" قابلتها كلمة "ربه" وما ألذها من مقابلة، "وغوى" قابلتها كلمة "فتاب عليه" وزيد هنا كلمة


(١) طه: ١٢١.
(٢) طه: ١٢٢.

<<  <   >  >>